أيمن سلامة: فرض الرسوم على السفن العابرة لقناة السويس حقًا سياديًا لمصر

أكد الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي، أن قناة السويس تمثل شريانًا حيويًا للتجارة العالمية ومسرحًا لتفاعلات معقدة بين مفاهيم السيادة الوطنية وأحكام القانون الدولي.
وأضاف أيمن سلامة في حديث خاص لـ"نيوز رووم": "فبينما تقع القناة ضمن الإقليم المصري وتخضع لسيادتها الكاملة، تفرض عليها اتفاقيات دولية وضرورات الملاحة العالمية قيودًا تنظيمية وإجرائية دقيقة".
اتفاقية القسطنطينية 1888: إطار دولي للملاحة
وكشف أستاذ القانون الدولي عن الاتفاقيات، وقال: "أرست اتفاقية القسطنطينية لعام 1888 مبادئ أساسية لتنظيم الملاحة في قناة السويس، أهمها ضمان حرية المرور لجميع السفن التجارية والعسكرية في أوقات السلم والحرب دون تمييز، ورغم أن الاتفاقية لم تنتقص من السيادة المصرية على القناة، إلا أنها وضعت إطارًا دوليًا ملزمًا لكيفية استخدام هذا الممر المائي الاستراتيجي".
التأميم عام 1956: تجسيد للسيادة واستعادة للحق
وتابع: "شكل قرار الرئيس جمال عبد الناصر بتأميم شركة قناة السويس عام 1956 لحظة فارقة في تاريخ مصر والقانون الدولي. فقد كان هذا الإجراء تعبيرًا عن إرادة وطنية خالصة لاستعادة السيطرة الكاملة على مورد حيوي يقع ضمن الأراضي المصرية، مؤكدًا بذلك مبدأ السيادة الدائمة للدولة على مواردها الطبيعية".
إغلاق قناة السويس : اختبار للسيادة في ظل النزاعات
وأشار "سلامة"، إلى أن قناة السويس شهدت فترتي إغلاق طويلتين خلال حرب 1956-1957 وحرب 1967-1975، وأضاف: "وقد أثارت هذه الإغلاقات تساؤلات حول مدى جواز استخدام الدولة لسيادتها لتعطيل حركة الملاحة الدولية وبينما استندت مصر في قراراتها إلى ظروف الحرب والدفاع عن النفس، أكدت على الدوام التزامها بمبدأ حرية الملاحة بمجرد انتهاء الظروف الاستثنائية".
اللوائح والتشريعات المصرية: ممارسة السيادة التنظيمية
وأوضح أن مصر تمارس سيادتها على قناة السويس من خلال سن اللوائح والتشريعات التي تنظم حركة الملاحة، وتحدد شروط السلامة والأمن والصحة، وتفرض الرسوم على كافة السفن العابرة. كما تقوم السلطات المصرية بتفتيش السفن والشحنات لضمان الالتزام بالقوانين المصرية والمعايير الدولية، وهو ما يمثل مظهرًا من مظاهر إنفاذ القانون وتطبيق السيادة على أرض الواقع.
فرض الرسوم: حق سيادي ومورد اقتصادي
وواصل الدكتور أيمن سلامة: "يُعد فرض الرسوم على السفن العابرة للقناة حقًا سياديًا أصيلًا للدولة المصرية. وتستفيد مصر من هذه الرسوم كمورد اقتصادي هام، مع الالتزام في الوقت ذاته بتقديم خدمات ملاحية آمنة وفعالة للمستخدمين الدوليين".
تعليمات السلامة والأمن والصحة والتفتيش: تجليات عملية للسيادة
وشدد على أن التعليمات المصرية المتعلقة بالسلامة والأمن والصحة تعكس حرص الدولة على تأمين الملاحة في القناة وحماية البيئة. كما يمثل تفتيش أنواع وشحنات معينة من قبل عناصر إنفاذ القانون المصري ممارسة فعلية للسيادة في مراقبة ما يمر عبر أراضيها وضمان عدم مخالفة القوانين.
وفي ختام تحليله، قال أستاذ القانون الدولي: "تظل قناة السويس نموذجًا حيًا للتفاعل بين السيادة الوطنية والقانون الدولي. فبينما تمارس مصر سيادتها الكاملة على هذا الممر المائي الحيوي، فإنها تلتزم في الوقت ذاته بالإطار القانوني الدولي الذي يضمن استمراريتها كشريان للتجارة العالمية، وهو توازن دقيق يعكس أهمية القناة وموقعها الفريد في النظام الدولي".