لاتظنن بي السوء فقد يأخذك المعنى الأول للعنوان إلى مقصد سيئ أو أنني أبشر على "ماما أمريكا" بالسوء أو الهلاك وأن رئيسها الحالي هو الأخير لالالا ..ليس هذا مقصدى أو هدفي فمستقبل أمريكا شأن يخص الأمريكيين وحدهم ولكن قصدي أن الرئيس ترامب يدرك أنه باق في منصبه لولاية واحدة فإن سمح له أي تعديل تشريعي بولاية ثانية فقد لا يسمح له العمر حيث سينهي ولايته الحالية والتي تنتهي في يناير من 2029 في سن الـ82 وبالطبع الأعمار بيد الله إذن ومن هذا المنطلق يجب أن نفهم تصريحات ترامب وسلوكه الرئاسي خاصة تصريحه الأخير المطالب بمرور السفن الأمريكية عبر قناة السويس بالمجان.
بالطبع جميعنا يفهم أن هذا التصريح سينضم إلى سابقيه من تصريحاته الغريبة إلى "ثلاجة التاريخ" وسيسجل على أنها تصريحات فاسدة غير صالحة للاستخدام إلا في برامج الفكاهة السياسية لكن يزول ذلك الاستغراب وينحسر ذلك الاندهاش حين تفهم لماذا تصدر مثل هذه التصريحات من ترامب ولماذا لم تظهر في حملاته الانتخابية؟! والإجابة بسيطة وهي أن ترامب يسابق الزمن ليسجل نفسه في خانة الرئيس الأفضل وأن أمريكا لم تنجب من هو في مثل قيادته وحكمته وأنه قادر أن يغير وجه التاريخ سواء في الداخل والخارج بقرارات غير مسبوقة تحمل شعار "إبداعية" أو غير تقليدية تصب في صالح الأمريكيين ومن هنا يمكن فهم ما يصدر منه في هذا الإطار فهو يريد أن يقول للأمريكيين لن تجدوا في التاريخ مثلي يحقق لكم الأماني ويذلل لكم المستحيل ضاربا بكل الأعراف عرض الحائط فهو لا يرى إلا تلك الساعة المعلقة على الحائط وتنبئه حركة عقاربها بأن ولايته تنفد مع مرور الزمن وأن الوقت أمامه ليس بالطويل ليشغل تلك المكانة التي تؤرق عليه منامه حتى يصبح أفضل رئيس ليس في نظر الأمريكان فقط بل في نظر العالم أجمع وأنه لن يبقى لأي رئيس بعده أي أحلام ليحققها أو حتى يحلم بها ويقترحها وغاية ما في عقله أن يندم الأمريكيون الذين لم يتنفضوا حين أعلن فوز بايدن وقبلوا بتلك النتائج المزورة وأن يكون هذا الندم مبنيا على كم الإنجازات التي يحققها في وقت قصير لينعم الأمريكان بالرخاء والثراء الذي فاتهم مع بايدن وكل من سبقوه من رؤساء وبأي ثمن.
ومن هنا فإن تصريحه عن قناة السويس يجب أن يفهم في هذا الإطار أما الرد عليه من خلال الجوانب القانونية والسياسية والتاريخية فأمر يسير فاتفاقية القسطنطينية تنص على أن قناة السويس ممر مائي دولي مفتوح للسفن المدنية والتجارية في زمني السلم والحرب لكنها في النهاية تخضع لسيادة مصر كما أن اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار تؤكد حق الدول في تنظيم المرور عبر ممراتها المائية ضمن حدود القانون الدولي وبتأميم القناة 1956 تمتلك مصر السيادة الكاملة على القناة وفرض رسوم المرور حق سيادي أمر لا يناقش لذا يا أفضل رئيس من قبل ومن بعد لا يوجد ما يسمى "المرور المجاني".
أما من الناحية السياسية فهذه التصريحات تتعارض مع مبدأ سيادة الدول وقد تعتبر محاولة للضغط السياسي ومصر تتعامل مع القناة بشفافية وتوازن بين مصالحها الوطنية والالتزامات الدولية وأي مطالبة بإعفاء سفن دولة معينة من الرسوم قد تفتح الباب لمطالب مماثلة من دول أخرى مما يضعف النظام الدولي للملاحة أم تظن أن مصر قد استأجرتك لتحارب الحوثيين لإبعاد تأثيرهم على حركة الملاحة في البحر الأحمر وبالتالي قناة السويس؟! فالقناة تدار وفقا للقانون الدولي ومصلحة الاقتصاد العالمي والرسوم عادلة وتفرض على جميع السفن دون تمييز وحرص مصر على ضمان مرور آمن وسلس لا يتناقض مع حقها السيادي.. ومن هنا فإن تصريح ترامب عن قناة السويس والمرور فيها غير قانوني حيث لا يوجد نص في المعاهدات الدولية يمنح امتيازات لدولة دون أخرى بل ينتهك مبدأ المساواة فالمعاهدات تنص على معاملة جميع السفن بشكل متساو وأخيرا يتجاهل السيادة المصرية فمصر لها الحق في إدارة القناة وفرض رسوم كجزء من سيادتها.. أما الحل لوقف هذا السيل من الغرابة السياسية التي تسيطر على ترامب منذ توليه سدة الحكم فهو منحه لقب الرئيس الأفضل وأن يناديه الجميع بذلك سواء معارضين أم موالين فلعل ذلك يمنحه نوعا من السكينه فيهدأ عقله ويهتدي لما يمكن أن يسجله له التاريخ بعيدا عن تلك الأساليب المعيبة ودون خروج عن النص.