عاجل

بعد تخطيط المغرب لرفع صادرتها إلى مصر.. علاقات تجارية تتجه نحو النمو والتنويع

علمى مصر والمغرب
علمى مصر والمغرب

يستهدف المغرب زيادة صادراته إلى مصر بشكل ملحوظ، حيث يخطط للوصول إلى 500 مليون دولار بحلول العام المقبل، مقارنة بـ 75 مليون دولار فقط في العام الماضي .

ولتحقيق هذا الهدف الطموح، تنظم الجمعية بعثة اقتصادية إلى مصر في مايو المقبل، وهي أول بعثة من نوعها منذ الاتفاق بين البلدين في فبراير الماضي لتعزيز التجارة والاستثمار بينهما، عقب محادثات أجريت في الرباط.

العلاقات التجارية

وتشهد العلاقات التجارية بين المغرب ومصر تطورا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، مدعوما بإرادة سياسية لتعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين، وتنفيذ الاتفاقيات التجارية المشتركة، وعلى رأسها اتفاقية أغادير، التي تهدف إلى تسهيل التبادل التجاري بين الدول العربية المتوسطية.

 ويلاحظ أن صادرات المغرب إلى مصر أخذت مسارا تصاعديا، مدفوعة بتنوع المنتجات وتوسيع قاعدة المصدرين، ما يعكس ديناميكية اقتصادية متزايدة بين البلدين الشقيقين.

مؤشرات التبادل التجاري

بحسب بيانات التجارة الخارجية الصادرة عن وزارة الاقتصاد والمالية المغربية، فقد بلغت قيمة صادرات المغرب إلى مصر نحو 288 مليون دولار خلال عام 2023، مقارنةً بنحو 241 مليون دولار في عام 2022، محققة نموًا نسبته نحو 19.5%، في دلالة واضحة على حيوية العلاقة الاقتصادية الثنائية.

ويمثل المغرب المورد رقم 3 لمصر على مستوى شمال أفريقيا، بعد الجزائر وليبيا، في حين تصنف مصر ضمن أكبر عشرة أسواق عربية تستقبل الصادرات المغربية. ويتوقع، بحسب تقارير اقتصادية مغربية، أن يتجاوز حجم صادرات المغرب إلى مصر حاجز 300 مليون دولار بنهاية عام 2025، مدعوما بتوسيع قاعدة الاتفاقيات الثنائية وتسهيل حركة الشحن والنقل البحري.


 

الصادرات المغربية إلى مصر

تتنوع صادرات المغرب إلى السوق المصرية، بما يعكس تنوع القاعدة الإنتاجية المغربية وتطورها، وتشمل أبرز القطاعات:

المنتجات الزراعية والغذائية: مثل الخضروات والفواكه المعلبة والزيوت النباتية والأسماك المجمدة، وتمثل نحو 25% من إجمالي الصادرات.

المنتجات الكيميائية والبتروكيماوية: مثل الأسمدة الفوسفاتية ومشتقات الفوسفات، التي تشكل ما يقرب من 35% من إجمالي الصادرات، مستفيدة من ريادة المغرب العالمية في إنتاج الفوسفات.

المنتجات الصناعية: وعلى رأسها قطع غيار السيارات، المنسوجات الجاهزة، والمنتجات الجلدية، بنسبة تقارب 20%.

منتجات الصناعات الكهربائية: مثل الكابلات والأجهزة الكهربائية، والتي تشهد طلبًا متزايدًا في السوق المصرية مع تسارع وتيرة المشروعات القومية والبنية التحتية.

اتفاقيات توسيع التجارة

تعد اتفاقية أغادير، الموقعة عام 2004 بين المغرب ومصر وتونس والأردن، من أبرز الإطارات القانونية التي تعزز التبادل التجاري بين البلدين، حيث تنص على تحرير التجارة في السلع ذات المنشأ العربي، وتوفير امتيازات جمركية تفضيلية، مما أسهم في زيادة حركة الصادرات المغربية إلى مصر.

وتعمل اللجان المشتركة بين البلدين على تذليل العقبات الفنية والإدارية أمام حركة السلع، خاصة في ما يتعلق بتسهيل قواعد المنشأ، وتسريع إجراءات الجمارك، بما يفتح آفاقًا أكبر أمام المستثمرين والمصدرين المغاربة في السوق المصرية.

النقل البحري واللوجستيات

برزت أهمية تحسين الربط اللوجستي بين المغرب ومصر، مع تنامي حجم التجارة، خاصة عبر البحر الأبيض المتوسط، وتستعد العديد من الشركات المغربية والمصرية لإطلاق خطوط ملاحية مباشرة بين موانئ الدار البيضاء وطنجة من جهة، وموانئ الإسكندرية والسخنة من جهة أخرى، بما يساهم في خفض كلفة النقل وتقليص زمن الشحن من 12 يومًا حاليًا عبر موانئ أوروبية إلى 7 أيام فقط عبر خطوط مباشرة.

وتسعى الشركات المغربية إلى الاستفادة من التطور الهائل الذي تشهده مصر في مجالات المناطق اللوجستية والمدن الصناعية الجديدة مثل محور قناة السويس والعاصمة الإدارية.

تعزيز التعاون التجاري والاستثماري

مع تزايد انفتاح الاقتصادين المغربي والمصري، تبدو فرص تعزيز التعاون التجاري والاستثماري واسعة، خاصة في مجالات الزراعة المستدامة، والصناعات الغذائية، والطاقة المتجددة، والصناعات الدوائية.

وتشير تقارير غرف التجارة المغربية إلى أن هناك أكثر من 60 شركة مغربية تدرس حاليا الاستثمار أو توسيع نشاطها في السوق المصرية، سواء عبر إنشاء فروع مباشرة أو عبر شراكات مع شركات مصرية، مستفيدة من قوة السوق المحلي وحجم السكان الذي يتجاوز 105 ملايين نسمة.

كما أن التوجه المصري نحو تعزيز الاعتماد على مصادر غذائية متنوعة يجعل من المنتجات الزراعية المغربية، خاصة الزيتون، والطماطم، والأسماك المجمدة، أحد الخيارات الرئيسية لتعزيز الأمن الغذائي المصري.

تحديات الصادرات المغربية 

رغم المؤشرات الإيجابية، لا تزال هناك تحديات تواجه حركة الصادرات المغربية إلى مصر، أبرزها: الاختلافات في المعايير والمواصفات الفنية لبعض المنتجات، والإجراءات الإدارية المعقدة التي تواجهها بعض الشحنات في الموانئ، وضعف الترويج للمنتجات المغربية في السوق المصرية مقارنة بالمنتجات القادمة من أوروبا أو آسيا.

غير أن هذه التحديات بدأت تتراجع تدريجيًا مع تكثيف التنسيق الحكومي بين البلدين، وتنظيم معارض تجارية مشتركة، وتعزيز التواصل بين غرف التجارة والصناعة.

تؤكد مؤشرات التجارة الخارجية أن العلاقات الاقتصادية بين المغرب ومصر تقف على أعتاب مرحلة جديدة من التكامل والشراكة الاستراتيجية. ومع استمرار نمو الصادرات المغربية إلى السوق المصرية، مدعومة بإرادة سياسية قوية، واتفاقيات تجارية محفزة، وفرص استثمارية واعدة، يبدو أن المستقبل يحمل المزيد من الآفاق الواعدة لتعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بما يعود بالنفع على اقتصاديهما وشعبيهما في عالم باتت فيه الشراكات الإقليمية أحد أهم مفاتيح الاستقرار والنمو.

تم نسخ الرابط