عاجل

حرب المغرب والجزائر

«صحراء المغرب».. كواليس الحرب السيبرانية بين واشنطن والقوى الدولية

في المغرب: كواليس
في المغرب: كواليس الحرب السيبرانية

في أبريل 2025، تعرضت قاعدة بيانات الضمان الاجتماعي الوطنية في المغرب لاختراق كبير أدى إلى تسريب آلاف الملفات الشخصية لمواطنين مغاربة وعمال أجانب، وربما أيضًا لبعض المواطنين الأمريكيين. 

وفي تقرير لها، أوضحت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، أنه بالرغم من وقوع الهجوم السيبراني بعيدًا عن الأنظار الأمريكية، إلا أن تداعياته تتجاوز المغرب بكثير، مهددة بشكل مباشر المصالح الاستراتيجية الأمريكية في شمال أفريقيا.

في المغرب: كواليس الحرب السيبرانية 

تشير التحقيقات الأولية إلى تورط جهات مرتبطة بالجزائر، مع احتمال دعم إيراني أو روسي. إذ لم يكن هذا الهجوم مجرد جريمة إلكترونية معزولة، بل بدا وكأنه عملية ممنهجة بدقة عالية ورسائل سياسية واضحة، تندرج ضمن حملة أوسع لزعزعة استقرار المغرب وتآكل سمعته التكنولوجية والاقتصادية.

ومع تصاعد التوتر بين المغرب والجزائر حول قضية الصحراء الغربية، يظهر هذا الهجوم كأداة في صراع جيوسياسي معقد.

فالجزائر التي تدعم جبهة البوليساريو الانفصالية تعزز علاقاتها مع روسيا وإيران، مستوردة أنظمة سيبرانية متطورة تساعدها في بسط نفوذها عبر الحروب الرقمية، مستهدفة حلفاء الغرب.

<span style=
في المغرب: كواليس الحرب السيبرانية 

تتجلى أهمية هذا الحدث بالنسبة للولايات المتحدة في طبيعة العلاقة التاريخية والاستراتيجية مع المغرب. فالمغرب، أول دولة اعترفت باستقلال الولايات المتحدة عام 1777، أصبح شريكًا محوريًا في مكافحة الإرهاب، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، والتعاون العسكري والتجاري، بل وتحول إلى بوابة رئيسية للنفوذ الأمريكي في أفريقيا.

واليوم، يُعد المغرب مركزًا مهمًا للاستثمار الأمريكي في الطاقة المتجددة، والخدمات اللوجستية، والحوسبة السحابية. وتدير أكثر من 150 شركة أمريكية عملياتها في المملكة، مما يجعل أمنها الرقمي مترابطًا بشكل وثيق مع استقرار الأنظمة المغربية. 

ويكشف اختراق قاعدة بيانات حكومية بهذا الحجم عن ثغرات خطيرة قد تُستغل لاحقًا لاستهداف الشركات الأمريكية أو التسلل إلى سلاسل التوريد الحساسة.

المصالح الأمريكية في المغرب

في عالم مترابط رقميًا، لا تعترف الهجمات السيبرانية بالحدود الوطنية. الهجوم على الخوادم المغربية يمثل تهديدًا مباشرًا للاستثمارات الأمريكية، ويمنح خصوم الولايات المتحدة أدوات إضافية لتقويض وجودها الاقتصادي في المنطقة.

لفهم أبعاد هذا الخطر، يجب النظر إلى السياق الجيوسياسي الأوسع. تدعم الولايات المتحدة موقف المغرب في الصحراء الغربية منذ عام 2020، فيما تواصل الجزائر، المدعومة من روسيا وإيران، العمل ضد هذا التوجه عبر دعم حركات انفصالية، وتوسيع قدراتها في مجال الحرب الرقمية. 

وإذا كانت الجزائر بالفعل خلف هذا الهجوم، فهذا يعني أن تحالفًا سيبرانيًا جديدًا يتشكل، يوظف الفضاء الإلكتروني كساحة لمعارك غير مرئية لتقويض حلفاء واشنطن دون الحاجة إلى مواجهات عسكرية تقليدية.

<span style=
في المغرب: كواليس الحرب السيبرانية 

المغرب، في هذا الإطار، ليس مجرد هدف عرضي. إنه يمثل نموذجًا لدولة إسلامية مستقرة، منفتحة على التحديث، وتتبنى شراكة استراتيجية مع الغرب، وتُطبع علاقاتها مع إسرائيل. وهو بذلك يتحدى السرديات التي تسعى القوى الاستبدادية إلى فرضها في العالمين العربي والإفريقي.

يأتي استهداف المغرب برسالة أوسع: أي دولة تختار النموذج الليبرالي والانخراط مع الغرب ستواجه ضغوطًا وحروبًا إلكترونية تهدف إلى تقويض استقرارها ومصداقيتها.

 

لماذا تحتاج واشنطن لحماية الرباط؟

ولهذا، لا يمكن للولايات المتحدة أن تتجاهل هذا الهجوم أو تعتبره مجرد نزاع إقليمي محدود. فإن تجاهل الدروس المستفادة من هذا الاختراق قد يعرض مصالح واشنطن الاستراتيجية للخطر، تمامًا كما حدث عندما استخدمت روسيا الهجمات السيبرانية لزعزعة استقرار أوكرانيا قبل غزوها عام 2022، أو عندما استهدفت إيران المنشآت النفطية السعودية والبنوك الأمريكية بهجمات رقمية مدمرة.

ومع ذلك، لا تزال هناك فرصة للرد الفعال. ويجب على الولايات المتحدة أن تتحرك بسرعة لتعزيز التعاون السيبراني مع المغرب، من خلال توسيع تبادل المعلومات الاستخباراتية، وزيادة برامج التدريب على الأمن الرقمي، والاستثمار في بنية تحتية متينة تحمي ليس فقط المؤسسات الحكومية بل أيضًا الشركات الخاصة ومنظمات المجتمع المدني.

<span style=
في المغرب: كواليس الحرب السيبرانية 

علاوة على ذلك، ينبغي العمل على إنشاء نظام إنذار مبكر للتنبيه بالتهديدات السيبرانية، يضم الشركات الأمريكية العاملة في المغرب وغيرها من الشركاء. فحماية الأصول الاقتصادية الأمريكية تبدأ بحماية الشبكات الرقمية التي تعتمد عليها في الخارج.

كما يجب ألا تتردد واشنطن في إسناد المسؤولية عن الهجوم بمجرد توافر الأدلة، حتى وإن تطلب الأمر مواجهة سياسية مع جهات معادية. الصمت قد يشجع المعتدين، بينما تسمية الفاعلين علنًا تساهم في خلق قوة ردع مؤثرة.

تم نسخ الرابط