البلوتوث والميكروويف.. هل سماعات "آيربودز" آمنة كما تدّعي آبل ؟

انتشرت مؤخراً عبر منصات التواصل الاجتماعي تحذيراتٌ تُشير إلى مخاطر صحية لاستخدام سماعات " آيربودز "، مع ادعاءاتٍ تربطها بموجات إشعاعية ضارة تُشبه تلك الصادرة عن أفران الميكروويف.
وتصاعدت الهجمات ضد آيربودز من جهات في الصين والولايات المتحدة، مستندةً إلى ورقة علمية نُشرت تحت مظلة الأمم المتحدة، لكن التحقيق في هذه الادعاءات يكشف مفارقاتٍ علمية وتلاعباً بالمعلومات.
الادعاءات والورقة العلمية المثيرة للجدل
ركزت الفيديوهات المنتشرة على أن الورقة العلمية التي أشارت إليها الأمم المتحدة تحذر من ترددات السماعات اللاسلكية “آيربودز”، مع مقارنةٍ غريبة لوضع الرأس داخل الميكروويف.
ووفقا لقناة العربية فإنه عند التدقيق في الورقة، يتبين أنها لا تذكر أي شيء عن سماعات “آيربودز” أو أجهزة البلوتوث، بل تتناول مخاطر التعرض الطويل للإشعاعات الكهرومغناطيسية عالية التردد، مثل تلك الصادرة عن أبراج الاتصالات أو الأجهزة الصناعية، وقد تم اقتطاع الورقة من سياقها العلمي الدقيق لخدمة الرواية المُروجة.
مواصفات "آيربودز" والتراخيص الرسمية
من ناحيةٍ أخرى، تُظهر الوثائق الرسمية لشركة "آبل" أن سماعات "آيربودز" حصلت على ترخيص هيئة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية (FCC)، بعد اختباراتٍ دقيقة أثبتت أن قوة الموجات الصادرة عنها لا تتجاوز 1.4 ميجا هرتز، وهي أقل من الحد الآمن المسموح به (1.6 ميجا هرتز)، وتؤكد المعايير الدولية أن الخطر الصحي لا يرتبط بتردد الموجات بل بشدة طاقتها، وهو ما تلتزم به "آبل" وفقاً للتقارير الرسمية.

التلاعب بالمفاهيم الفيزيائية
اللافت أن الفيديوهات المُنتشرة خلطت بين مفهومي "التردد" و"شدة الطاقة"، حيث ربطت بشكلٍ خاطئ بين ترددات البلوتوث المنخفضة (التي تصل إلى 2.4 جيجا هرتز) وتأثيرات الإشعاع عالي الطاقة (مثل الأشعة السينية). لكن الفيزياء تُفرق بوضوح بينهما: التردد العالي لا يعني بالضرورة طاقةً عالية مضرّة، فموجات الراديو مثلاً ذات تردد عالٍ لكن طاقتها ضعيفة جداً مقارنةً بأشعة غاما.
في حين أن فكرة وضع الرأس في الميكروويف فكرة كارثية بالفعل، إلا أن المقارنة نفسها غير علمية، والحملة ضد سماعات الإيربودز تذكّر بأهمية التحقق من المصادر وفهم السياق العلمي قبل تداول المعلومات.
والأمم المتحدة أوضحت أن ورقتها لم تستهدف الأجهزة الاستهلاكية، فيما تُؤكد الهيئات الرقابية أن "آيربودز" تلبي جميع شروط السلامة، والأزمة لا تتعدى فكرة التضليل الإعلامي الذي يستغل الثغرات لنشر الشائعات بين الجمهور.