حياة كاملة من زمن فات.. حكاية عم هاني رزق نصف قرن في إصلاح الساعات بسوهاج

داخل محل صغير في شارع أبو فام بمدينة طما شمالي محافظة سوهاج، يمارس عم هاني رزق شكر الله، صاحب الـ61 عامًا، مهنة تصليح الساعات التي ورثها عن والده وجده، منذ أن كان في السادسة من عمره، وعلى مدار 55 عامًا، ظلّ عم هاني مخلصًا لهذه الحرفة.
ويحتوي محل العم هاني الذي أصبح وكأنه متحف مصغر، على ساعات أثرية يتجاوز عمر بعضها 150 عامًا، ما جعله محط أنظار تجار من العتبة عرضوا عليه شراءها مقابل مبالغ مالية كبيرة في سوق الساعات لكنه رفض، مؤكدًا أن هذه الساعات تمثل له أكثر من مجرد مقتنيات.
ويقول عم هاني: “كل ساعة عندي ليها حكاية، ومفيش مال يعوّضني عن ذكرى جدي أو والدي، الساعات دي مش بس معدن وزجاج.. دي حياة كاملة من زمن فات”.
ولا يقتصر عمل صاحب الـ 61 عامًا، على إصلاح الساعات القديمة فحسب، بل يشمل أيضًا المنبهات والآلات الحاسبة اليدوية التي يستخدمها طلاب وطالبات المدارس وخاصة مرحلة الثانوية العامة، معتمدًا في ذلك على قطع غيار نادرة لا تتوفر في السوق، ورثها عن أجداده، والتي يعتبرها ذخيرة تضمن جودة عمله وسط زملائه من أصحاب تلك الصنعة.
ويشتهر عم هاني، بأنه يستطيع إصلاح الساعات مهما كان بلد منشئها، بداية من الساعة السويسرية إلى الساعة اليابانية، مرورًا بابساعة الأمريكية، مع حرص دائم على إعادة كل قطعة لحالتها الأصلية بأدق التفاصيل للحالة التي كانت عليها قبل تعطلها.
ورغم التطور السريع في عالم التكنولوجيا واندثار الكثير من المهن اليدوية، يصر عم هاني على الاستمرار في حرفته التي ما زالت تصارع التطور، إيمانًا منه بأن الزمن لا يُقاس فقط بالدقائق والثواني، بل بالذكريات التي تحفظها كل عقرب وكل دقّة من دقات الساعات الموجودة داخل محله بمدينة طما.
ويبدأ يوم عم هاني رزق، صاحب الـ 61 عامًا، في الساعة الثامنة صباحا وينتهي في الساعة الخامسة عصرًا، مضيفًا أن أغلب زبائنه ورواد محله من أعيان وعمد قرى مركز ومدينة طما والمراكز المجاورة، لتمسك تلك الطبقة بما لديها من ساعات سواء التي ورثوها عن أجدادهم، أو التي قاموا بشرائها بأنفسهم، في وقت ازدهار الساعات.