خبراء:تباطؤ النمو العالمي يوثرعلى الصادرات والاستثمارات في مصر رغم خفض الفائدة
خبراء:تباطؤ النمو العالمي يوثرعلى الصادرات والاستثمارات في مصر رغم خفض الفائدة

ألقى تباطؤ النمو العالمي بظلاله على الاقتصاد المصري، وسط محاولات حكومية وبنكية مستمرة لتحقيق التوازن بين النمو والاستقرار النقدي، في ظل التحديات الاقتصادية المتصاعدة عالميًا.
وفي هذا السياق، يكشف خبراء الاقتصاد عن تداعيات هذا التباطؤ على الصادرات والاستثمارات الأجنبية وتحويلات العاملين بالخارج، إلى جانب الإجراءات النقدية المتخذة داخليًا، مثل خفض الفائدة لمواجهة الضغوط التضخمية وتعزيز فرص النمو.
قال الدكتور علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد الدولى وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، إن صندوق النقد الدولي قام بخفض توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي خلال العام الجاري من 3.3% إلى 2.8%، ما يعكس حالة من التباطؤ المتزايد في الاقتصاد العالمي.
وأوضح "الإدريسي" في تصريحات خاصة لـ«نيوز رووم»: أن هذا التراجع يعود إلى عدة عوامل، أبرزها تصاعد التوترات الجيوسياسية وتنامي السياسات الحمائية، خاصة بعد القرارات الأمريكية الأخيرة المتعلقة بفرض رسوم جمركية شاملة.
تأثير مباشر على الاقتصاد المصري
وأكد أن التباطؤ في الاقتصاد العالمي لا يقتصر على الساحة الدولية، بل يترك أثراً مباشراً على الاقتصاد المصري، ويظهر ذلك من خلال تراجع الطلب على الصادرات المصرية، خاصة في القطاعات الحيوية مثل الصناعات الكيماوية، والمنسوجات، والأسمدة، والمنتجات الزراعية، مشيراً إلى أن انخفاض النمو في الأسواق الأوروبية والآسيوية، الشركاء التجاريين الرئيسيين لمصر، قد يؤدي إلى انخفاض حجم الاستيراد من الجانب الآخر، مما ينعكس سلباً على الميزان التجاري المحلي.
صعوبات محتملة في جذب الاستثمارات الأجنبية
وأشار الإدريسي إلى أن أحد أبرز تبعات تباطؤ الاقتصاد العالمي هو تراجع المستثمرين الأجانب نحو ضخ استثمارات جديدة في الأسواق النامية مشيراً إلى أن مصر قد تواجه صعوبات في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بالرغم من جهودها المتواصلة لتحسين مناخ الاستثمار ودعم المشروعات القومية الكبرى في مجالات الطاقة والبنية التحتية والصناعة، حيث يفضل المستثمرون في هذه الظروف اللجوء إلى أدوات مالية أكثر أماناً داخل بلادهم.
تهديد لتحويلات المصريين من الخارج
وحذر الإدريسي من أن أحد أهم مصادر العملة الصعبة في مصر، وهي تحويلات المصريين بالخارج، قد تتعرض لتراجع ملحوظ ويرجع ذلك إلى إمكانية تأثر اقتصادات دول الخليج بتباطؤ الاقتصاد العالمي، وخاصة إذا رافقه تراجع في أسعار النفط، مما يؤدي إلى تقليص التحويلات إلى مصر، وهو ما قد ينعكس على الاحتياطي النقدي للبلاد وقدرتها على الحفاظ على مستوى الإنفاق المحلي.
ومن جانبه، قال الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن قرار البنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة بنسبة 2.25% يأتي في إطار سياسة نقدية مرنة ينتهجها البنك المركزي للتعامل مع تداعيات الأزمات الاقتصادية المتتالية التي أثرت على معدلات التضخم عالميًا ومحليًا، موضحًا أن البنك كان قد رفع أسعار الفائدة سابقًا لتصل إلى 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض و27.75% لسعر العملية الرئيسية، كإجراء احترازي للحد من آثار التضخم.
وأضاف “السيد” في تصريحات خاصة لـ"نيوز رووم"، أن البنك المركزي بدأ في اتباع نهج تدريجي نحو تيسير السياسة النقدية، عبر خفض الفائدة بين 100 و300 نقطة أساس، لتخفيف الضغط الناتج عن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة، بما يدعم النمو دون الإضرار بالاستقرار المالي.
مؤشرات التضخم تؤكد تباطؤ الضغوط السعرية
وأوضح الدكتور عبد المنعم أن هذا التحرك يستند إلى مجموعة من المؤشرات الإيجابية، أبرزها تباطؤ معدلات التضخم، حيث سجل معدل التغير الشهري في الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين للحضر 1.6% في مارس 2025، مقارنة بـ1.0% في مارس 2024، و1.4% في فبراير 2025. وعلى أساس سنوي، ارتفع معدل التضخم العام للحضر إلى 13.6% في مارس، مقابل 12.8% في فبراير.
تراجع التضخم الأساسي إلى أدنى مستوياته منذ عام
كما أشار إلى أن معدل التغير الشهري في الرقم القياسي لأسعار المستهلكين الأساسي الذي يُعده البنك المركزي سجل 0.9% في مارس 2025 مقابل 1.4% في نفس الشهر من العام الماضي، بينما تراجع معدل التضخم الأساسي السنوي إلى 9.4% في مارس، مقابل 10.0% في فبراير، وهو ما يعكس تباطؤًا في الضغوط السعرية، ويدعم توجه خفض الفائدة.
أسعار الفائدة الحقيقية من الأعلى عالميًا
وأكد أن هذه التطورات أسفرت عن وصول أسعار الفائدة الحقيقية إلى نحو 14%، وهو من أعلى المعدلات عالميًا، مما يوفر مساحة للبنك المركزي للتيسير النقدي دون المساس بجاذبية الاقتصاد المصري للاستثمار.
تعافي السوق المحلي يمنح فرصة لإعادة تنشيط النمو
وتابع بأن مؤشرات الأداء الاقتصادي تُظهر استمرار التعافي، لا سيما خلال الربع الثاني من العام المالي 2024/2025، بدعم من الاستثمارات الخاصة، كما أن مؤشر مديري المشتريات تجاوز المستوى المحايد (50 نقطة) منذ بداية 2025، واستمر عند نفس المستوى في فبراير، محققًا أفضل أداء له منذ نحو أربع سنوات، في دلالة واضحة على تحسن بيئة الأعمال وثقة المستثمرين.