عاجل

خبراء اقتصاد يكشفون لـ"نيوز رووم" أبعاد توقعات صندوق النقد بتحسن سعر الجنيه

صندوق النقد الدولى
صندوق النقد الدولى

في خطوة أثارت دهشة الأوساط الاقتصادية، فاجأ صندوق النقد الدولي الأسواق المصرية بتحديث غير متوقع لتوقعاته بشأن سعر صرف الجنيه، مشيرًا إلى أنه أقوى مما كان متصورا في السابق، وهو ما عده مراقبون تحولًا نوعيًا في المشهد النقدي المحلي، ففي ظل مناخ عالمي مضطرب، وتحديات اقتصادية داخلية لا تخفى، جاءت تقديرات الصندوق لتمنح الجنيه المصري بارقة أمل، مدعومة بتحسن ملحوظ في أداء ميزان المدفوعات وتدفقات نقدية قادمة من مصادر متنوعة، من بينها تحويلات العاملين بالخارج، والمساعدات الدولية، وتحسن عائدات السياحة، في مقابل تراجع إيرادات قناة السويس.

 ويرى خبراء اقتصاديون أن هذه التقديرات تعكس بعض التقدم في جهود الدولة لإعادة ضبط المسار الاقتصادي، يؤكد آخرون أن المعضلة الحقيقية تكمن في عمق الاختلالات الهيكلية، واستمرار أعباء الدين والتضخم، وضعف تنافسية بعض القطاعات الحيوية، وعلى الرغم من التحسن النسبي في المؤشرات، فإن الرهان لا يزال معقودا على تحقيق استدامة هذا الأداء، من خلال تعزيز الإنتاج الحقيقي، وجذب استثمارات نوعية، وتفعيل أدوات دعم الصادرات، بما يسهم في ترسيخ استقرار الجنيه لا فقط كمؤشر نقدي، بل كمرآة لقوة اقتصادية متماسكة.

أكد الخبير الاقتصادى، دكتور كريم العمدة، إن الأسواق المصرية تفاجأت بتوقع صندوق النقد الدولى أن الجنيه أقوى ما هو متوقع، وسط توقعات بانخفاض الجنيه.

وقال العمدة لـ "نيوز رووم": "كنت متوقع أن الجنيه قوى وكانت تصريحاتى منذ شهور بأن الجنيه سيظل بقيمة الـ50، ولكن صندوق النقد صرح بأن فى نهاية العام المالى الحالى يمكن أن يصل الجنيه إلى 49.60، وإذا زاد إلى 51 يبقى فى نهاية 2025"، وأضاف أن هذا التوقع مدعوم بتحسن نظام المدفوعات المصري والإيرادات الدولارية القادمة من تمويل الخارج الخاص بالدخل الأجنبي لمصر، مثل تحويلات الكويت التى تبلغ 4 مليار دولار، كوديعة استثمار، و4 مليار يورو من الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى شريحة الصندوق، وتحسن أداء السياحة، ودخل المصريين فى الخارج، وكل هذا عوض نسبيا انخفاض دخل قناة السويس، وقال: "نتمنى أن الأمور تستقر عالميا ليصبح فى مزيدا لتحسن الجنيه أمام الدولار".

قال المحلل الاقتصادى، حسن هيكل، إنه في ظل التراجع العالمي للدولار، بعد فرض رسوم ترامب الجمركية والحرب التجارية مع الصين والمشكلات الأمريكية حتى مع حلفائها الأوروبيية، بدأ تدفق إيجابي للأموال الساخنة، وزادت  تحويلات المصريين العاملين في الخارج، مع انخفاض أسعار المحروقات عالميا، ليحسن قليلا من قوة الجنيه المصري في مواجهة الدولار، بعد سلسلة تراجعات مستمرة لسنوات 

وأضاف أن صندوق النقد الدولي أكد توقعاته لسعر صرف الجنيه مقابل الدولار ليسجل 49.6 جنيه في المتوسط خلال العام المالي الحالي مقابل 50.6 جنيه في تقديراته السابقة، ثم إلى 52.26 جنيه في العام القادم  بدلا من 54.89 جنيه، ثم إلى 54.1 جنيه مقابل 57.2 جنيه في تقديراته السابقه، وأكد أن مراجعات الصندوق وتحديثاته تعد أمرا عاديا في ظل التغيرات الاقتصاديه سواء المحلية أو العالمية وليست توقعات ثابتة، من ثم لا يعول عليها كثيرا إلا إذا بقيت الأحوال المحلية والعالمية، بما في ذلك انخفاض أسعار البترول دون تغيير. 

وقال هيكل، أمين عام جمعية مواطنون ضد الغلاء، إن العبرة الحقيقية باستدامه التحسن في بنيه الاقتصاد الحقيقي من نمو قطاعات الزراعة والصناعة والتكنولوجيا وقطاع المعادن والبترول مع الاهتمام بزيادة عوائد السياحة وقناة السويس، وتحويلات المصريين العاملين في الخارج وخلق أوعيه إدخارية لأموالهم وفرص استثمارية في بلدهم يوجه إنتاجها من أجل التصدير، وأضاف أن الاقتصاد ما زال يعاني من أعباء خدمة الدين وأقساطه ومن ارتفاع التضخم السنوي، خاصة بعد رفع أسعار السولار والبنزين، وأكد أن بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أشارت لأسعار المستهلكين بالمدن، حيث ارتفع إلى 13.6% في مارس 2025 مقابل 12.8% الشهر السابق.

وأشار هيكل إلى أن الاقتصاد يعاني ليس فقط من أعباء خدمة الدين الخارجي ولكن من اختلالات هيكلية بسبب ضعف موارد النقد الأجنبي، مقارنة بحجم الطلب على النقد الأجنبي وعدم الترشيد الكافي للطلب على الدولار حسب أولويات الاقتصاد المصري، فالفواكه المستوردة تدخل إلى مصر تحت مسمى سلع غذائية لتنافس المنتج المحلي كأننا في وفرة دولارية، وضعف البنية التكنولوجية للمشروعات الصناعية، وتقييد رواد التكنولوجيا المحليين وصادرات البرمجيات بقوانين الضرائب على الدخل وصعوبه جذب المستثمرين الأجانب، رغم وجود فرص ذهبية في ظل إجراءات ترامب، لتكون مصر ملاذا لمصانع قد تخرج من الصين ومصانع تخرج من تركيا، إلا أن عدم وجود أراضي كافية في المناطق الحرة تكون جاهزة ومرفقة لاستقبال تلك الفرص يبطيء من معدلات الإصلاح الاقتصادي.

وقال الخبير الاقتصادى، أحمد معطى، إنه بالنسبة لتحسن الجنيه أمام الدولار وفقا لتوقعات صندوق النقد يأتى فى إطار قيام الدولة المصرية بتطورات كبيرة فى الاقتصاد المصري، وفى تحسين الأداء المصري. 

وأضاف: "أن استقرار ومرونة سعر الصرف التي تنتهجها الدولة المصرية، أدى إلى انتهاء السوق السوداء للدولار، فى نفس الوقت زيادة فى الحصيلة الدولارية، بالأخص تحويلات المصريين فى الخارج، وملف الاستثمار الخارجي الذي يقوم بمجهودات كبيرة، وأيضا من خلال جولات الرئيس عبدالفتاح السيسي للكويت وقطر والاستثمارات القادمة من الدولتين، والاستثمارات القادمة من دولة الإمارات بمشروع رأس الحكمة، كل هذا ساهم فى استقرار سعر الصرف وتحسن للنظرة المستقبلية لسعر الجنيه".

وأكد معطي، أن صندوق النقد أخذ فى اعتباره الفترة السابقة الرسوم الجمركية وتأثيرها على خروج  "الأموال الساخنة" من مصر، وأنه كان يوجد بالفعل ارتفاعات للدولار أمام الجنية بقدر يصل 51.70، بعدها حدث تحسن وبدأت تزداد نسبة دخول الأموال الساخنة إلى مصر، وبالتالى تم الإغلاق هذا الأسبوع على 51 جنيها فى أغلب البنوك، كل هذا أعطى نظرة مستقبلية للاقتصاد المصري أنه فى حالة تحسن.

وكان قد رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لسعر صرف الجنيه مقابل الدولار ليسجل 49.6 جنيه في المتوسط خلال العام المالي الحالي مقابل 50.6 جنيه في تقديراته السابقة.

وقدر الصندوق سعر الدولار بنحو 52.26 جنيه في العام المالي المقبل بدلاً من 54.89 جنيه، وفي العام المالي التالي يصل إلى 54.1 جنيه مقابل 57.2 جنيه تقديراته السابقة، ولا يعلن صندوق النقد عن توقعاته بشكل مباشر لكنه يعلن توقعاته للناتج المحلي بالجنيه والقيمة المعادلة بالدولار.

وكانت ديناميكيات سعر العملة هي السبب الرئيسي لتخفيض تقديرات النمو في مصر خلال يناير الماضي، لكن يبدو أن الأمور باتت الأفضل، ويتوقع صندوق النقد الدولي، في تقريره له، انخفاض كبير في عجز الحساب الجاري بداية من العام المالي المقبل ليصل إلى 14.24 مليار دولار مقابل 20.5 مليار دولار تقديرات العجز خلال العام المالي الحالي.

ورجح أن يواصل العجز انخفاضه في العام المالي 2026-2027 إلى 13.7 مليار دولار قبل أن يعاود الارتفاع في العام التالي إلى 14.9 مليار دولار، ولم يكشف الصندوق أسباب التحسن المتوقع في الحساب الجاري باستثناء توقعه لنمو قوي للصادرات خلال العام المالي المقبل عند 11.6% مقابل نمو قدره 5.7% في العام المالي الحالي.

تم نسخ الرابط