دائرة الاستئناف بالجنائية الدولية
الجنائية الدولية تقبل استئناف إسرائيل ضد مذكرات اعتقال نتنياهو

أصدرت دائرة الاستئناف في المحكمة الجنائية الدولية اليوم الخميس، قرارًا تاريخيًا بإلغاء حكم سابق أصدرته المحكمة الابتدائية في نوفمبر 2024، كان قد رفض اعتراضات إسرائيل على اختصاص المحكمة بإصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب.
ويفتح هذا القرار الباب أمام إسرائيل لتقديم دفوع قانونية جديدة ضد تدخل المحكمة في سلوكها العسكري، خصوصًا في سياق الحرب المستمرة في قطاع غزة.
الجنائية الدولية تقبل استئناف إسرائيل
يُعد هذا التطور أول انتصار قانوني ملموس لإسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية منذ عام 2012، بعد سلسلة من الانتكاسات القانونية التي تكبدتها في أعوام 2019، و2021، ثم في نوفمبر من العام الماضي.
تلك الانتكاسات سمحت بتقدم الإجراءات ضدها من المراحل التمهيدية إلى مراحل مؤقتة، مهددة بإمكانية الانتقال إلى مراحل توجيه الاتهام، وهو ما كانت إسرائيل تسعى إلى الحيلولة دونه.
وبموجب القرار الجديد، أُعيدت القضية إلى المحكمة الابتدائية لإعادة النظر في اعتراضات إسرائيل القضائية على أوامر الاعتقال، ما يعني أن المحكمة ستعقد جلسات استماع إضافية قد تستغرق شهورًا، وربما تمتد لفترة أطول، مما يؤدي إلى تجميد فعلي للإجراءات القضائية الجارية ضد إسرائيل في الوقت الحالي.
وعلى الرغم من أن أوامر الاعتقال بحق نتنياهو وجالانت لم تُلغ رسميًا، فإن احتمال أن تُقر المحكمة الابتدائية بإلغائها في نهاية المطاف بعد الاستماع الكامل لحجج إسرائيل، قد يمنح بعض الدول الأعضاء في المحكمة هامشًا أكبر لتجاهل تلك الأوامر مؤقتًا، في انتظار صدور قرار نهائي.

دائرة الاستئناف بالمحكمة الجنائية الدولية
أشارت دائرة الاستئناف إلى أن المحكمة الابتدائية أخطأت عندما قررت المضي قدمًا في أوامر الاعتقال رغم عدم البت النهائي في اعتراضات إسرائيل على الاختصاص القضائي، معتبرة أن تأجيل النظر في هذه الاعتراضات إلى مراحل لاحقة مثل مرحلة توجيه الاتهام يُعد مخالفة قانونية.
واستندت المحكمة في ذلك إلى المادة 19(2)(ج) من النظام الأساسي للمحكمة، التي تمنح الدول الحق في الاعتراض على الاختصاص في مراحل مبكرة.
وفيما يتعلق بجوهر الاستئناف، وجدت دائرة الاستئناف أن المحكمة الابتدائية لم تُعطِ اهتمامًا كافيًا لحجة إسرائيل بشأن أحقيتها في تقديم هذا الطعن، وبالتالي اعتبرت أن هناك خطأ قانونيًا في قرار المحكمة الأدنى.
وفي ضوء هذا، رفضت دائرة الاستئناف طلب إسرائيل تعليق أوامر الاعتقال أو أي إجراءات قانونية أخرى تم اتخاذها على أساس القرار المطعون فيه، باعتبار أن هذا الطلب أصبح غير ذي موضوع بعد إلغاء الحكم الأصلي.
وفي نقطة قانونية أخرى، رفضت المحكمة – بأغلبية الأصوات – السبب الثاني الذي استندت إليه إسرائيل في استئنافها، والمتعلق بطلب إصدار أمر للمدعي العام بإصدار إشعار جديد بموجب المادة 18(1) من النظام الأساسي، معتبرة أن ذلك غير مقبول قانونيًا.
جاء القرار بأغلبية 3 أصوات مقابل 2، حيث صوتت القاضية لوز ديل كارمن إيبانيز كارانزا والقاضية سولومي بالونجي بوسا ضد رأي الأغلبية، التي رأت أن القرار السابق للمحكمة الابتدائية لا يُعد قرارًا متعلقًا "بالقبول" بموجب المادة 82(1)(أ) من النظام الأساسي، وبالتالي لا يمكن استئنافه بهذا الأساس.

اعتراضات إسرائيل على مذكرات الاعتقال
وتضم هيئة المحكمة التي أصدرت القرار خمس قضاة، هم: القاضية توموكو أكاني، التي ترأست الجلسة، والقاضية لوز ديل كارمن إيبانيز كارانزا، والقاضية سولومي بالونجي بوسا، والقاضي غوتشا لوردكيبانيدزه، والقاضي إردينيبالسورين دامدين.
وقد اعتبرت إسرائيل قرار المحكمة الابتدائية في نوفمبر 2024 أكبر خسارة قانونية في تاريخها، لما له من تداعيات دبلوماسية واقتصادية وإعلامية هائلة، خاصة في ظل تصاعد الضغوط الدولية على خلفية الحرب في غزة.
ومنذ صدور ذلك الحكم، تسعى إسرائيل بشكل حثيث لإلغائه وتقديم دفوع جديدة ضد اختصاص المحكمة، متمسكة بعدة حجج، أبرزها أن فلسطين ليست دولة ذات سيادة كاملة تتيح لها منح المحكمة ولاية قضائية على أراضيها، وأن النظام القضائي الإسرائيلي كفيل بالتحقيق في مزاعم جرائم الحرب ضد جنوده، وبالتالي لا حاجة لتدخل المحكمة الجنائية الدولية.
ويمثل هذا القرار تطورًا لافتًا في المسار القانوني المعقد للعلاقات بين إسرائيل والمحكمة الجنائية الدولية، ومن المرجح أن يُعيد تشكيل الخطاب القانوني والسياسي بشأن مذكرات التوقيف المثيرة للجدل.