"توحد الموبايل".. استشاري نفسي يحذر من إدمان العصر الرقمي والتأثيرات الكارثية

قال الدكتور نور أسامة، استشاري الطب النفسي وتعديل السلوك، إن الإدمان السلوكي يمثل واحدًا من أخطر التحديات النفسية التي تواجه الأفراد في العصر الرقمي، موضحًا أنه ليس مرتبطًا بمادة كيميائية كما في حالات الإدمان التقليدي، بل هو سلوك قهري يُمارس بشكل متكرر حتى يصبح جزءًا لا يتجزأ من الروتين اليومي للفرد.
وأكد خلال لقائه في برنامج "الحياة انت وهي" مع الإعلامية راندا فكري على قناة الحياة، أن هذا النوع من الإدمان له آثار مدمرة على الحياة الاجتماعية والمعرفية، ويؤدي تدريجيًا إلى تآكل العلاقات الشخصية وتدهور الحالة النفسية.
الشاشات والهواتف الذكية
حذّر الدكتور نور من الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية، وعلى رأسها الهواتف المحمولة، مشيرًا إلى أن الاستخدام المطول أصبح يشكّل تهديدًا حقيقيًا للصحة النفسية والسلوكية، خاصة لدى الأطفال والمراهقين الذين تُعتبر أدمغتهم في طور النمو.
وأوضح أن الاعتماد الكبير على هذه الوسائل يعيق تطور المهارات الاجتماعية، ويُضعف من القدرة على التركيز والانتباه، ويؤدي في كثير من الأحيان إلى الانعزال عن الواقع والانخراط في عالم افتراضي مغلق.
توحد الموبايل
في سياق متصل، كشف الدكتور نور عن تجربة ألمانية حديثة صنّفت الإفراط في استخدام الإنترنت، وخاصة الهواتف الذكية، كنوع من أنواع الإدمان السلوكي تحت مسمى "توحد الموبايل"، مشيرًا إلى أن هذا التشخيص يُطلق على الأفراد الذين يقضون أكثر من 32 ساعة أسبوعيًا أمام شاشات الهواتف، موضحًا أن هذا السلوك يضعهم في دائرة الخطر النفسي ويؤثر على تفاعلهم الاجتماعي. وقال إن أعراض هذا النوع من الإدمان تشبه في كثير من الأحيان أعراض العزلة والانفصال عن الواقع.
وأضاف استشاري الصحة النفسية أن من أبرز آثار هذا الإدمان، اضطرابات النوم، القلق المزمن، الانفعالات غير المبررة، والتراجع الأكاديمي لدى الطلاب، مستطردًا أن الأفراد الذين يعانون من "توحد الموبايل" غالبًا ما يفقدون القدرة على التفاعل الطبيعي مع محيطهم، ويميلون إلى الانطواء، ما يؤدي إلى ضعف في العلاقات الأسرية والاجتماعية.

العلاج والوقاية
وفي ختام تصريحاته، شدد استشاري الطب النفسي على أن الوقاية تبدأ من داخل الأسرة، داعيًا الأهل إلى مراقبة استخدام أبنائهم للتكنولوجيا، ووضع حدود زمنية واضحة لاستخدام الأجهزة، إلى جانب تقديم بدائل واقعية ومشوقة تساعد الطفل على تنمية مهاراته الاجتماعية والذهنية.
وأوصى بتعزيز الأنشطة البدنية والهوايات الجماعية كوسيلة فعالة للحد من التعلق المفرط بالشاشات، مشيرًا إلى أن التوازن بين العالم الرقمي والواقع هو المفتاح لحياة نفسية واجتماعية صحية.