عاجل

هل يشهد لبنان انفراجة سياسية أم يستمر الجمود في تشكيل الحكومة؟

الرئيس المكلّف بتشكيل
الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة اللبنانية نواف سلام

تشهد الساحة السياسية اللبنانية حالة من الجمود العميق، حيث يتصارع مختلف الفرقاء السياسيين على تفاصيل تشكيل الحكومة الجديدة في وقت تمر فيه البلاد بأزمات اقتصادية حادة وضغوطات خارجية متزايدة، بينما يحاول رئيس الحكومة المكلف نواف سلام تجاوز هذه التحديات، تواجه عملية تشكيل الحكومة عقبات كبيرة، ومع تدخل القوى الدولية وتأجيج التوترات، يتجه لبنان نحو مفترق طرق قد يحدد مستقبله السياسي والاقتصادي.

النقاط الرئيسية للأزمة

  • الخلاف حول تعيين الوزير الشيعي الخامس

تعد القضية الرئيسية التي تعرقل تشكيل الحكومة هي اختيار الوزير الشيعي الخامس، وهو المنصب الذي يتمسك به تحالف "حزب الله" و"أمل" ويشترطان أن يكون لهما حق اختيار الشخص الذي يشغله بشكل حصري.

كما أعلن رئيس البرلمان نبيه بري أن "أي محاولة لفرض شخصية شيعية لا يختارها ممثلو هذه الطائفة هي مساس بمبادئ النظام الطائفي في لبنان"، ومن جهته، يسعى نواف سلام، تحت ضغط من واشنطن والرياض، إلى اقتراح شخصية أكثر استقلالية، وقد أدى هذا التباين في الرؤى إلى حالة من الجمود السياسي التي تعوق التقدم في تشكيل الحكومة.

  • التدخلات الخارجية وتأثيرها

ويعد تدخل القوى الأجنبية في الأزمة اللبنانية كان له دور بارز في تعقيد المفاوضات، حيث وضعت كل من واشنطن والرياض شرطًا لدعمهما المالي والدبلوماسي بتشكيل حكومة من دون أي وجود لحزب الله.

كما زادت الزيارة الأخيرة لمبعوثة الولايات المتحدة الخاصة إلى بيروت، مورغان أورتيغوس، من حدة التوترات السياسية في البلاد، فقد أكدت في مؤتمر صحفي في القصر الرئاسي أن "الولايات المتحدة لن تدعم أي حكومة يكون لحزب الله دور فيها".

وأثار هذا التصريح ردود فعل غاضبة من الشخصيات السياسية اللبنانية التي اعتبرت أن هذا يعد تدخلًا فاضحًا في الشؤون الداخلية، في المقابل، قال حزب الله ردًا على هذه التصريحات أن "محاولة الولايات المتحدة فرض تشكيل الحكومة اللبنانية هي مساس بسيادة البلاد واستفزاز لا يمكن تحمله".

  • الاحتجاجات الشعبية

 لم تقتصر ردود الفعل على المستوى السياسي فقط، بل شهدت بعض المناطق في لبنان، مثل بيروت والجنوب، مظاهرات ضد هذه التدخلات، وقد أغلق مؤيدو حزب الله بعض الطرق احتجاجًا على ما اعتبروه محاولة لتهميش الحزب من خلال الدعم الأمريكي لشروط الحكومة.

المبادرة الفرنسية

في محاولة لتجاوز هذه الأزمة، تسعى فرنسا للعب دور الوسيط بين الأطراف المتنازعة، وقد اقترحت باريس حلاً وسطًا يتمثل في تعيين وزير شيعي محايد، يتم قبوله من قبل نواف سلام ومن قبل ممثلي الشيعة في البرلمان. ومع ذلك، يبدو أن هذه الحلول هشة وغير قابلة للتطبيق، حيث أن واشنطن لا تنظر إلى هذا الخيار بشكل إيجابي، لأنه يتيح لحزب الله تأثيرًا داخل الحكومة، ومن جهة أخرى، يرفض نبيه بري وحزب الله أي محاولة لفرض وزير لا يتم اختياره من قبلهم مباشرة، مشيرين إلى أن أي محاولة لاستبعادهم من الحكومة ستؤدي إلى شلل المؤسسات بالكامل.

السيناريوهات المستقبلية

في ظل هذا الجمود، هناك عدة سيناريوهات محتملة لمستقبل تشكيل الحكومة، أولها تشكيل حكومة من دون حزب الله، وهو ما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة السياسية وزيادة الانقسامات الداخلية، وثانيها الحل الوسط الذي تطرحه فرنسا، إلا أن تطبيقه يبدو صعبًا بسبب تعنت الأطراف المعنية وعدم توافقها حوله، أما السيناريو الأخير والأكثر ترجيحًا فيتمثل في فشل نواف سلام في تشكيل الحكومة، مما سيؤدي إلى استمرار الأزمة السياسية والاقتصادية في بيروت.

يبدو أن لبنان في مفترق طرق سياسي، حيث تتشابك الأزمات الداخلية مع التدخلات الخارجية، مما يزيد من تعقيد الوضع ويطيل أمد المأزق السياسي، وتتطلب المرحلة المقبلة مرونة وتنازلات من كافة الأطراف المعنية، وإلا فإن البلاد ستواجه خطرًا كبيرًا من تفاقم الأزمة السياسية والاقتصادية بشكل يصعب علاجه.

تم نسخ الرابط