أستاذ الطاقة: 800 مليون قدم مكعب عجز يومي في الغاز الطبيعي

في ظل تزايد استهلاك الغاز الطبيعي في مصر والضغوط الكبيرة على الشبكة القومية، تحدث الدكتور جمال القليوبي، أستاذ هندسة الطاقة والبترول، عن التحديات التي تواجه الدولة في تأمين احتياجات القطاعات المختلفة من الغاز، خاصة القطاعات الحيوية مثل الكهرباء والصناعات الثقيلة، بالإضافة إلى تسليطه الضوء على خطة وزارة البترول لمواجهة العجز من خلال الاستيراد والتوسع في أعمال البحث والتنقيب.
حجم الإنتاج المصري من الغاز الطبيعي
أوضح الدكتور جمال القليوبي أن إنتاج مصر اليومي من الغاز الطبيعي يتراوح بين 5.1 إلى 5.2 مليار قدم مكعب، في حين أن الاستهلاك اليومي يصل إلى نحو 5.8 مليار قدم مكعب، مما يترك فجوة بين 600 إلى 800 مليون قدم مكعب يوميًا. وتتم تعويض هذه الفجوة من خلال استيراد الغاز.
5 شرائح تستهلك الغاز
مشيرا إلى أن شرائح استهلاك الغاز في مصر مقسمة إلى خمس فئات رئيسية، تأتي في مقدمتها محطات الكهرباء، والتي يبلغ عددها نحو 72 محطة، منها 74 محطة تعمل بالغاز الطبيعي وتستهلك وحدها نحو 3.1 مليار قدم مكعب يوميًا. تليها الصناعات الثقيلة مثل الحديد والصلب، والأسمنت، والسيراميك، والزجاج باستهلاك يومي يبلغ 1.3 مليار قدم مكعب.
منوها إلى أن قطاع البتروكيماويات يستهلك حوالي 650 مليون قدم مكعب، في حين يصل استهلاك الغاز المنزلي إلى 413 مليون قدم، أما محطات تموين السيارات العاملة بالغاز فتستهلك قرابة 103 ملايين قدم مكعب يوميًا.
استراتيجية مواجهة العجز
وأكد القليوبي أن الحكومة تعمل على ثلاثة محاور رئيسية لمواجهة العجز في الغاز الطبيعي:
تأمين احتياجات السوق المحلي من الوقود، حيث تحصل مصر على 53% من احتياجاتها من المنتجات البترولية محليًا، بينما يتم استيراد 46% إلى 47% من الخارج.
تقليص كميات الغاز المخصصة لمحطات الكهرباء، مع اللجوء إلى استيراد الغاز المسال لتعويض الفجوة، نظرًا لصعوبة تقليص حصص بعض القطاعات الأخرى مثل البتروكيماويات أو الغاز المنزلي.
اتفاقات "التغييز" والاستيراد
وأوضح أن مصر لديها حالياً تعاقدان رئيسيان لاستيراد الغاز الطبيعي المسال. الأول مع سفينة "تغييز" أمريكية وصلت إلى ميناء العين السخنة لتحل محل سفينة نرويجية تابعة لشركة "هاف"، وتُستخدم لتحويل الغاز من الحالة السائلة إلى الغازية وضخه في الشبكة القومية عبر تسهيلات سوميد في العين السخنة.
أما التعاقد الثاني، فيتم من خلال شركة "الفجر الأردنية"، حيث يتم استخدام سفينة تغييز في ميناء العقبة لمدة الشبكة المصرية بالغاز عبر خط العريش – البيضاء.
خطة وزارة البترول
ولفت القليوبي إلى أن وزارة البترول تعتمد على خطة من خمسة محاور أساسية:
1. دفع مستحقات الشركاء الأجانب لتشجيعهم على الاستثمار في البحث والتنقيب، مشيرًا إلى أن المتبقي من تلك المستحقات يتراوح بين 100 إلى 250 مليون دولار.
2. طرح مزايدات جديدة، ومنها مزايدة البحر الأحمر التي رست على 7 شركات أجنبية، وستبدأ أعمالها في الربع الثالث من عام 2025 وحتى 2027.
3. التركيز على مناطق واعدة مثل البحر الأحمر، والصحراء الغربية، وخليج السويس، والبحر المتوسط.
4. إعادة تقييم الحقول المتقادمة وإعادة طرحها للشركاء بهدف تعظيم العائدات.
5. جولات ترويجية واستثمارية يقوم بها وزير البترول شخصيًا للتفاوض مع الشركاء الأجانب وجذب استثمارات جديدة.
آفاق الاكتشافات المستقبلية
وأشار القليوبي إلى أن تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز مرهون بتحقيق اكتشافات جديدة مماثلة لاكتشافات "ظهر"، و"تمساح"، و"شمال تمساح"، و"بورفؤاد". موضحًا أن 35% فقط من مساحة البحر المتوسط تم إجراء عمليات تنقيب فيها، وأن هناك مساحات شاسعة من المياه الإقليمية المصرية لم تُستكشف بعد، خاصة في المناطق الممتدة من مرسى مطروح حتى العريش.
مصر ومركزية الطاقة
مؤكداً أن مصر لن تتأثر في مكانتها كمركز إقليمي للطاقة رغم التحديات، نظرًا لامتلاكها بنية تحتية متكاملة تشمل مصانع إسالة الغاز، وتكرير البترول، والبتروكيماويات، والأسمدة، فضلاً عن دورها المحوري في الاتفاقيات والمؤسسات الدولية المعنية بمجال الطاقة.