الأردن يحل الإخوان المسلمين.. نهاية رسمية لعلاقة تاريخية متقلبة

قالت مصادر أردنية رفيعة لـصحيفة الشرق الأوسط إن الحكومة الأردنية تستعد لإصدار إعلان رسمي خلال الساعات المقبلة يقضي بتفعيل حكم قضائي صدر في عام 2020، ينص على حل جماعة الإخوان المسلمين غير المرخصة، واعتبارها "منحلة حكماً وفاقدة لشخصيتها القانونية والاعتبارية".

وبحسب المصادر، فإن تنفيذ القرار سيتضمن إغلاق مقار الجماعة في العاصمة والمحافظات، إنزال اللافتات التي تحمل اسمها وشعارها، ومصادرة ممتلكاتها، مع احتمال ملاحقة عدد من قياداتها قضائيًا.

التحرك الحكومي يأتي في سياق تصاعد التوتر بين السلطات الأردنية والحركات الإسلامية، خصوصاً بعد مطالبة حركة "حماس" بالإفراج عن 16 متهماً في القضية المعروفة باسم "خلايا الفوضى"، وهي مجموعة تقول الأجهزة الأمنية إنها كانت تعد لمخططات تستهدف الأمن الوطني، من بينها تصنيع صواريخ محلية، حيازة مواد متفجرة، وتصنيع طائرات مسيّرة لاستخدامها في "أغراض تخريبية".

وأوضحت دائرة المخابرات العامة أن أفراد "الخلايا" تلقوا تدريبات داخل وخارج البلاد، وكانوا يخططون لأعمال تندرج ضمن "إثارة الفوضى والتخريب المادي"، في تصعيد أمني غير مسبوق دفع عمّان لإعادة تقييم علاقتها بالجماعات الإسلامية، وعلى رأسها الإخوان.

من الاحتواء إلى القطيعة: مسار متقلب لعلاقة تاريخية

تأسست جماعة الإخوان المسلمين في الأردن عام 1946 كجمعية دعوية واجتماعية، وسرعان ما أصبحت فاعلاً رئيسياً في المشهد السياسي والاجتماعي، مستفيدة من التوجه المحافظ العام في المجتمع الأردني. خلال عقود من الحكم، نسجت الجماعة تحالفات استراتيجية مع الحكومات، وخاصة في سبعينات القرن الماضي، حين شغل قياديون منها مناصب وزارية، بينهم الدكتور إسحاق الفرحان، الذي تولى وزارتَي التربية والأوقاف في فترات متعاقبة.

غير أن تلك العلاقة بدأت تتراجع تدريجياً في العقدين الأخيرين، خصوصاً مع تزايد انتقادات الجماعة للسياسات الرسمية، وتصاعد نفوذ ذراعها السياسي "حزب جبهة العمل الإسلامي"، الذي كان يشكل أكبر كتلة معارضة في البرلمان لفترات.

وقد حاولت السلطات احتواء الجماعة عبر منح حزبها السياسي شرعية قانونية، بينما بقي الكيان التنظيمي للجماعة غير مرخص رسمياً بعد فشلها في تصويب أوضاعها القانونية وفق القوانين الأردنية المعدلة، وهو ما مهّد لصدور حكم قضائي بحلها في 2020.

إساءة استغلال الفرصة

وفي تعليقات لاحقة، أكدت مصادر حكومية أن "المرونة التي أبدتها الدولة تجاه الجماعة كان من المفترض أن تقابل بحسن النية وضبط التصرفات"، لكنها "أساءت استغلال تلك الفرصة"، الأمر الذي عجّل في قرار الحل.

اليوم، ومع الإعلان الوشيك لتفعيل قرار الحل، تُطوى صفحة جماعة الإخوان المسلمين في الأردن رسمياً، لتنتهي بذلك علاقة معقدة استمرت لعقود، جمعت بين التحالف السياسي والتنافس الأيديولوجي، وصولاً إلى القطيعة الكاملة.