بعد أزمة القطن المصري.. اعرف حكاية تاريخه من المحلية للعالمية

يُعتبر القطن المصري من أبرز المواد الخام في صناعة النسيج، حيث يتميز بجودة عالية جعلته يتصدر الأسواق العالمية، محققًا سمعة واسعة في مجال صناعة الأقمشة والملابس، تتمتع مصر بتاريخ طويل في زراعة القطن الذي يمتد إلى العصور الفرعونية، وتُعتبر اليوم من أكبر الدول المنتجة لهذا المحصول ذو السمعة العالمية.
تاريخ زراعة القطن المصري
عرفت مصر زراعة القطن منذ أكثر من آلاف السنين، حيث ينتمي القطن المصري إلى الفصيلة الخبازية التي تضم أكثر من 2300 نوع، وبالرغم من أن القطن يُزرع في العديد من الدول حول العالم مثل الصين والهند والسودان وأستراليا، فإن القطن المصري يبقى الأكثر تميزًا في الجودة.

شهرة القطن المصري
لقد بدأ القطن المصري في اكتساب شهرة كبيرة منذ القرن التاسع عشر عندما تم تصنيع أليافه الطويلة، التي أصبحت تُستخدم في مختلف الصناعات من النسيج إلى صناعة الآثاث، وما يميز القطن المصري عن غيره هو خصائصه الفريدة، مثل طوله، نقاوته، مرونته، وشدة نعومته، ما يجعله الخيار الأول في صناعة المنسوجات عالية الجودة.

خصائص القطن المصري الفريدة
- طول التيلة: يتميز القطن المصري بطول أليافه مقارنة بالأنواع الأخرى، ما يجعله أكثر نعومة وجودة.
- نقاء الألياف: القطن المصري يُقطف يدويًا، مما يحافظ على نقاوته ويجنب الألياف التآكل أو التلف.
- مرونة الألياف: بفضل طبيعة المناخ المصري، ينمو القطن المصري لفترات أطول، مما يزيد من مرونته ويعزز من قدرته على امتصاص السوائل.
- القوة والمتانة: على الرغم من طول الألياف، إلا أن القطن المصري يحافظ على قوة ومتانة كبيرة، ما يجعله مثاليًا للعديد من الصناعات.

التحديات والمستقبل
رغم الشهرة الواسعة التي حققها القطن المصري، إلا أن صناعة القطن واجهت تحديات كبيرة في السنوات الأخيرة، فمن جهة، شهدت صناعة القطن المصري في العقود الأخيرة تناقصًا تدريجيًا في المساحات المزروعة بالقطن طويل التيلة، لصالح الأنواع الأقل جودة، ومن جهة أخرى، شهدت المصانع المحلية العديد من التحديات بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، مما أثر سلبًا على قدرة قطاع الصناعة في مصر على الاستمرار في تلبية احتياجات السوق المحلي والدولي.

القطن المصري قصير التيلة
في السنوات الأخيرة، بدأت مصر في التركيز على زراعة القطن قصير التيلة، وهي خطوة تهدف إلى إعادة إحياء قطاع القطن الوطني بشكل يتماشى مع الاحتياجات العالمية، ففي عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، تمت إعادة زراعة القطن قصير التيلة في مناطق صحراوية جديدة مثل شرق العوينات، ليحقق نجاحًا ملحوظًا.
وفقًا للتجارب الأخيرة، بلغ متوسط إنتاجية الفدان من القطن قصير التيلة نحو 15.8 قنطار عند الحصاد اليدوي، مقارنة بـ 10 قناطير للفدان باستخدام الآلات، وقد أثبتت هذه التجربة أن مصر قادرة على تحقيق معدلات إنتاجية أعلى من العديد من الدول المنتجة لهذا النوع من القطن.

دور الدولة في دعم صناعة القطن
تحت إشراف مباشر من الرئيس السيسي، تم تكليف وزارة قطاع الأعمال العام والعديد من الجهات الحكومية بإجراء تجارب موسعة على زراعة القطن قصير التيلة.
ففي عام 2021، تم زراعة حوالي 218 فدانًا من القطن قصير التيلة في منطقة شرق العوينات، والتي أظهرت نتائج جيدة مقارنة بالسنوات السابقة، وتهدف هذه الجهود إلى تقليل فاتورة استيراد القطن، وتوفير مستلزمات الإنتاج محليًا، وهو ما سيسهم في خفض تكاليف الاستيراد التي تصل إلى ملياري دولار سنويًا.

القطن المصري في الأسواق العالمية
مع زيادة الإنتاج المحلي للقطن قصير التيلة، أصبح بالإمكان تلبية احتياجات السوق المصري والعالمي من الأقطان المخصصة لصناعة الملابس، التي تشهد طلبًا كبيرًا على الأقمشة المصنوعة من الأقطان قصيرة التيلة، وقد ساعدت هذه الجهود في توفير حوالي 43% من تكلفة استيراد الأقطان، مما يعزز من قوة العملة المحلية ويخفض تأثير تقلبات الأسواق العالمية.

القطن المصري، سواء كان طويل التيلة أو قصير التيلة، يظل من أبرز المحاصيل التي تساهم في الاقتصاد المصري وتحقق له سمعة عالمية في صناعة النسيج، وبفضل الاستثمارات الحديثة والتوجهات الحكومية نحو زراعة القطن في المناطق الصحراوية، تظل مصر في طليعة الدول المنتجة للقطن، وتحافظ على مكانتها كأحد أفضل وأجود أنواع الأقطان في العالم.
أزمة تهدد القطن
يذكر أن موسم تسويق القطن خلال الموسم الحالى يشهد أزمة بسبب إحجام الشركات عن المشاركة فى مزادات القطن، مبررة ذلك بارتفاع سعره عن الأسعار العالمية، وتقدمت شركات الأقطان بمذكرة إلى مجلس الوزراء فى ديسمبر الماضى، تطالب فيها وزارة المالية بتحمل مبلغ 2000 جنيه من سعر الضمان حتى تتمكن من شراء القطن من المزادات.