هل نجح “المصرف المتحد” في تعزيز أدائه بالسوق المصري؟

يعتزم البنك المركزي المصري طرح حصة من أسهم بنك المصرف المتحد في البورصة المصرية قبل نهاية الربع الأول من عام 2025، فبنك المصرف المتحد من البنوك التي ظهرت بقوة على الساحة المصرفية المصرية خلال الفترة الأخيرة، إذ استطاع البنك خلال الفترة الماضية أن يُقدم خدمات متنوعة للعملاء تناسب جميع احتياجاتهم، وهو الأمر الذي دفع إلى التعرف على وضع المؤشرات المالية التي حققها البنك خلال عام 2024، بالمُقارنة بعام 2023؛ حتي يُمكن الوقوف على وضعه في السوق المصري.
(*) مؤشر السيولة: يعكس مؤشر سيولة البنك درجة الأمان التي يتمتع بها أثناء ممارسة نشاطاته التشغيلية، والتي يُعد ضمانة أن البنك لايقع في تعثرات مالية قريبة، نتيجة عدم إدارة القروض والودائع بشكل جيد، ومن هنا تعتبر نسبة القروض إلى الودائع من أهم النسب التي تعكس هذا المؤشر، وبفحصها لبنك المصرف المتحد، تبين من الشكل (4) أن هذه النسبة تخطت النسبة المُثلى التي تتمثل في الـ 35% في كلاً من عامي 2023 و 2024، إذ سجلت 51.8% في عام 2023، وانخفضت إلى 48.5% في عام 2024، وهو ما يعني أن البنك لديه قدر أقل من النقد؛ لتلبية متطلبات العملاء، وهو الأمر الذي يُنذر بأنه في حالة إفلاس البنك قد لا يكون لديه ما يكفي لتقديمه للعملاء.
(*) نسبة المخاطر: هناك علاقة عكسية بين نسبة المخاطر وبين ثقة العملاء في البنك، فإذا زادت هذه النسبة تُعد مؤشر سلبي للعملاء على أداء البنك، وكما يوضح الشكل(5) أن هذه النسبة ارتفعت عن 35% بشكل كبير، إذ بلغت 49.35% في عام 2023، وقد ارتفعت بشكل ملحوظ للغاية إلى 74.38% في عام 2024، وهي نسبة توضح اعتماد البنك على الودائع في تمويل الأصول، وهو أمر لابد أن يتداركه البنك خلال الفترة المُقبلة.
(*) معيار كفاية رأس المال: يُعتبر هذا المعيار من الأمور الهامة التي توضح مدى قدرة البنك على الوفاء بالتزاماته مع أي اضطرابات في المستقبل، وهو ما يُمثل مصدر حماية للبنك والمودعين والمُقرضين الأخرين، فبنك المصرف المتحد احتل المرتبة الرابعة بين بنوك القطاع المصرفي المصري خلال عام 2024، إذ بلغ هذا المعيار نحو 24.36%، وذلك بعد بنك الإسكندرية و التعمير والإسكان و البنك التجاري الدولي كما يوضح الجدول المُقابل، وهو الأمر الذي يوضح أن بنك المصرف المتحد استطاع أن يُحقق معيار كفاية رأس مال يفوق المتوسط السائد في القطاع المصرفي البالغ 18.6% بنهاية يونيو 2024.
البنك والدولار
يُمكين تقييم أداء بنك المصرف المتحد خلال أزمة الدولار التي يُعاني منها الاقتصاد المصري في الفترة الأخيرة من خلال النقاط التالية:
(-) دعم القطاعات المتعثرة: يُعتبر استراتيجية دعم القطاعات المتعثرة في الاقتصاد المصري من الحلول متوسطة الأجل لأزمة الدولار في الاقتصاد، وهو ما استند إليه البنك بشكل كبير خلال هذه الفترة، إذ قام البنك بإعادة 20 مصنع متعثر للتشغيل والعمل والإنتاج مرة أخرى، وذلك ضمن مبادرة الحكومة والبنك المركزي في القضاء على تعثر المصانع وإنهاء أزمة المديونية، إذ قام البنك بتسوية ديون بقيمة 500 مليون جنيه، وهو إجراء إيجابي لابد أن تتخذه البنوك خلال الأزمات الاقتصادية، إذ أن دعم القطاعات الإنتاجية يعمل على زيادة التصدير وإحلال الواردات، بشكل يُقلل الضغط على الاحتياطي الدولار ي؛ لدفع فاتورة الواردات.
ولكن بالرغم من ذلك يؤخذ على البنك أنه لم يحدد سعر فائدة منخفض نسبياً في تمويل القطاعات الإنتاجية، إذ أنه في عام 2022، ضح نحو 200 مليون جنيه لقطاع الزراعة بسعر فائدة 8%، وهي نسبة كبيرة إلى حد ما، إذا كان القصد رفع الكفاءة الإنتاجية والتصديرية لهذا القطاع.
(-) تقييد استخدام البطاقات الائتمانية: فرض المصرف المتحد كإجراء لمواجهة أزمة الدولار، حدوداً لاستخدام البطاقات الائتمانية خارج البلاد، إذ حدد السحب النقدي اليومي بين 2500 و 5000 جنيه، والحد الأقصى للسحب الشهري النقدي بـ 7500 جنيه، بينما تصل حدود المشتريات إلى 25000، وهو إجراء يُحافظ على السيولة النقدية في الاقتصاد المصري بشكل نسبي.
ويُمكن ملاحظة أن هناك عدد من الإجراءات الهامة لم يتخذها البنك خلال أزمة الدولار في مصر، منها اتخاذ آليات تمويل أكثر صرامة لتقنين استيراد السلع غير الأساسية، بشكل يحد من خروج الدولار إلى خارج الاقتصاد المصري، بالإضافة إلى أن البنك لم يتخد خطوات تشجعية للمصريين العاملين بالخارج؛ لتحفيزهم على تحويل أموالهم.
وفي النهاية، يُمكن القول إنه في ضوء التحليل الشامل لأداء المصرف المتحد، يتضح أن البنك تمكن من إثبات مرونة قوية في التكيف مع التحديات الاقتصادية، بالأخص خلال أزمة الدولار في مصر، فقد سجل نمواً ملحوظاً في الأرباح ووسع من محفظة قروضه، ولكن من ناحية أخرى يتضح أن البنك يحتاج إلى مراجعة بعض المؤشرات المالية في أداءه، خاصة نسبة المخاطر ومؤشر السيولة، بشكل يسهم في زيادة شفافية البنك وتعزيز مكانته في الاقتصاد المصري بعد الطرح المرتقب في البورصة المصرية.