أدنى مستوى في ثلاث سنوات
هبوط الدولار وقلق الأسواق.. حجة ترامب لإقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي

الاثنين، تراجعت أسهم بورصة "وول ستريت"، وهبط الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوى في ثلاث سنوات، مع تصاعد الشكوك العالمية المتزايدة بشأن الاستثمارات الأمريكية، مدفوعة بالحرب التجارية المستمرة التي يشنها الرئيس دونالد ترامب، والانتقادات العلنية التي يكيلها لمجلس بنك الاحتياطي الفيدرالي.
وحسب تقارير الإعلام الأمريكي، أدت هذه الإجراءات إلى زعزعة الثقة في النظام الاقتصادي التقليدي الذي تفرضه لولايات المتحدة، مما دفع المستثمرين إلى الانسحاب.
في الوقت نفسه، انتقد ترامب مرارا وتكرارا رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول -الذي عينه في عام 2018- بسبب عدم خفض أسعار الفائدة.
صراع التضخم والفائدة
الخميس الماضي، ألمح ترامب إلى أنه قد يقيل باول من منصبه ، وهي الخطوة التي من شأنها أن تثير معركة قانونية كبرى حول الاستقلال السياسي لبنك الاختياطس الفيدرالي، البنك المركزي للبلاد.
وقال ترامب للصحفيين في المكتب البيضاوي خلال اجتماع مع رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني الأسبوع الماضي: "إذا أردت (رحيل باول)، فسوف يخرج من هناك بسرعة كبيرة، صدقوني. أنا لست سعيدًا به".
بينما تستمر ولاية باول كرئيس لبنك الاحتياطي الفيدرالي حتى مايو 2026، قال المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض كيفن هاسيت للصحفيين، الجمعة، إن الرئيس كان يبحث ما إذا كان بإمكانهم إقالة باول قبل ذلك الوقت.
وفق رؤيته، يرى ترامب إنه ينبغي خفض أسعار الفائدة، لأنه يعتقد أن "التضخم في الواقع منعدم لدينا"، حسب تعبيره.
لكن باول حذّر من أن الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها ترامب، والتي دفعت الأسواق العالمية إلى حالة من الاضطراب، قد تُؤجج التضخم، مما يُضعف احتمالية خفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة.
وبالفعل، انخفض مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنسبة 2.4% يوم الاثنين، مما أدى إلى انخفاضه بنسبة 16% عن أعلى مستوى قياسي له منذ شهرين فقط، ووجه ضربة قوية لحسابات التقاعد المرتبطة بالمؤشر.
كما انخفض مؤشر "داو جونز" الصناعي 971 نقطة، أي بنسبة 2.5%، بينما انخفضت أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى، مثل "تسلا" و"إنفيديا"، بنسبة 2.6%، في حين انخفض مؤشر ناسداك بنسبة 2.6%.

انخفاض الدولار
في تحول مثير للقلق، وصل الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوى له في ثلاث سنوات، وهو تطور غير معتاد خلال اضطرابات السوق، إذ يُنظر إليه عادةً كملاذ آمن. لكن، انخفض مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) إلى 97.92 يوم الاثنين، وهو أدنى مستوى له منذ مارس 2022.
وانخفض مؤشر الدولار القياسي بنحو 5% منذ أوائل أبريل، عندما أعلن ترامب عن فرض رسوم جمركية عالمية واسعة النطاق، والتي هزت وول ستريت وأسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم.
منذ ذلك الحين، أعلن ترامب عن تعليق الرسوم الجمركية لمدة 90 يوما على جميع الدول، باستثناء الصين. لكن الحرب التجارية المتصاعدة بسرعة بين الولايات المتحدة وأكبر دولة مصنعة في العالم تركت العديد من المستثمرين على حافة الهاوية.
أيضا، هبطت سندات الحكومة الأمريكية، التي ينظر إليها عادة باعتبارها استثمارا بطيئا وآمنا، يوم الاثنين مع سعي المستثمرين العالميين إلى إبقاء أموالهم خارج الولايات المتحدة، وسط مخاوف من ركود وشيك وتقلب الأسواق الأمريكية
كما هزت محادثات التعريفات الجمركية مع اليابان الأسبوع الماضي الثقة أكثر، عندما فشلت في التوصل إلى اتفاق سريع من شأنه خفض التعريفات الجمركية وحماية الاقتصاد. وقد اعتُبرت هذه المحادثات بالنسبة للأسواق العالمية "اختبارًا" وفقًا لخبراء السوق.
أمّا الذهب، الذي يُنظر إليه باعتباره استثمارًا آمنًا، فقد واصل مقاومة اتجاهات الأسواق الهبوطية ليواصل ارتفاعه.

قلق عام
يبدو القلق من تداعيات قرارات ترامب الجمركية، والفوضى السوقية التي تبعت ذلك، بالغا لدى الكثير من خبراء الأسواق المالية.
ونقل تقرير لخبراء استراتيجيون في معهد "بلاك روك للاستثمار": "لم يعد بإمكاننا الاستقراء من الاتجاهات السابقة أو الاعتماد على افتراضات طويلة الأجل لترسيخ محافظنا الاستثمارية".
وأضاف التقرير: "أصبح التمييز بين تخصيص الأصول التكتيكي والاستراتيجي غير واضح. بدلاً من ذلك، نحتاج إلى إعادة تقييم المسار طويل الأجل باستمرار، وأن نكون أكثر ديناميكية في تخصيص الأصول مع ازدياد معرفتنا بالوضع المستقبلي للنظام العالمي".
كما نقلت مجلة "نيوزويك" عن كريس زاكاريلي، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة "نورث لايت" لإدارة الأصول: "يعاني المستثمرون من حالة من عدم الاستقرار، إذ يبيعون الأسهم والسندات ويشترون الذهب، ونعتقد أن هذا نتيجة لتراجع ثقة المستثمرين العالميين، وكذلك بعض المستثمرين في الولايات المتحدة، مع ورود أنباء عن هجمات على استقلالية الاحتياطي الفيدرالي وتزايد المخاوف من زعزعة النظام العالمي القائم".
وأوضح: "بقدر ما ينخفض الطلب على السلع الأمريكية من الخارج، إما بسبب الرسوم الجمركية و/أو ضعف الاقتصاد العالمي، ينخفض الطلب على الدولار الأمريكي. وبالمثل، كلما انخفض الاهتمام بالأسهم والسندات الأمريكية، انخفض الطلب على الدولار الأمريكي."
أيضا، قال جيف بوخبيندر، كبير استراتيجيي الأسهم في شركة "إل بي إل فاينانشال" في بوسطن، إن الحرب التجارية متعددة الجبهات تشكل في حد ذاتها عبئا ثقيلا على الأسهم "لذا فإن إضافة أزمة استقلال بنك الاحتياطي الفيدرالي إليها تجعل الأسواق متوترة بشكل مفهوم".