دار الإفتاء تحذّر: تتبّع عورات الناس من الكبائر ويهدد تماسك المجتمع

في تحذير واضح يعكس خطورة السلوكيات التي تهدّد نسيج المجتمع، أكدت دار الإفتاء المصرية أن تتبّع عورات الناس والبحث عن عيوبهم يُعد من كبائر الذنوب، لما فيه من اعتداء على خصوصيات الأفراد، وخرق لحرمة الإنسان، وإشاعة للفاحشة بين الناس، وهو ما يتنافى تمامًا مع مقاصد الإسلام الداعية إلى الستر والإصلاح.

استشهدت دار الإفتاء بعدد من الآيات والأحاديث التي تُدين هذا السلوك، منها قول الله تعالى:
“وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا” [الحجرات: 12]،
حيث نهى الله عز وجل صراحة عن التجسس وتتبع العورات، لما فيه من تحطيم للثقة وتفكيك للعلاقات الإنسانية.

وفي الحديث الشريف، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه! لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإن من تتبع عورة أخيه المسلم، تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته، يفضحه ولو في جوف رحله”
[رواه الترمذي].

آفة اجتماعية مدمّرة

أوضحت الفتوى أن الانشغال بعورات الآخرين يعكس فراغًا في القلب ونقصًا في الإيمان، ويُعبّر عن فساد داخلي يجعل صاحبه يتغذى على أخطاء غيره.
كما أن هذا السلوك يؤسس لبيئة مريضة، يسودها الشك والكراهية، ويتلاشى فيها مبدأ “الستر” الذي حثّ عليه الإسلام.

وأكدت أن كل إنسان معرّض للخطأ والزلل، وأن التراحم والتناصح أولى من التشهير والفضح، داعية إلى التحلي بخلق الستر الذي يُحبه الله، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم:
“من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة”.

تتبع العورات في زمن السوشيال ميديا

في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، شددت دار الإفتاء على أن تتبّع العورات اليوم لم يعد يقتصر على التجسس المادي، بل امتد ليشمل نشر الصور الخاصة، أو تتبع الأخبار الشخصية والتعليق عليها بسوء، أو إفشاء الأسرار عبر المنصات، وهو ما يُعد من أعظم صور الظلم الإلكتروني، ويجب الحذر منه شرعًا وأخلاقيًا.

دعوة للستر والإصلاح

واختتمت دار الإفتاء بيانها بدعوة المسلمين إلى الاشتغال بعيوب النفس بدلًا من تتبع عيوب الآخرين، مؤكدة أن من أراد الإصلاح فعليه أن يفعل ذلك سرًا وبنية طيبة، لا عبر الفضح والتشهير.

فالإسلام دين الستر، والإصلاح، والتزكية، لا دين الفضيحة وهتك الأستار، ومن أراد النجاة فليغلق أبواب التجسس، ويفتح نوافذ الرحمة والخلق الحسن.