مصر والسعودية.. شراكة اقتصادية استراتيجية تتجاوز المليارات وتتوج بالاتفاقيات

تشهد العلاقات الاقتصادية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية تطورًا استثنائيًا خلال السنوات الأخيرة، لا سيما منذ تولي الدكتور مصطفى مدبولي منصب رئيس مجلس الوزراء المصري في يونيو 2018، حيث اتخذت الشراكة بين البلدين بعدًا استراتيجيًا غير مسبوق، وباتت القاهرة والرياض تسعيان إلى ترسيخ مكانة راسخة على الخريطة الإقليمية والدولية من خلال تعاون اقتصادي شامل يستند إلى اتفاقيات نوعية واستثمارات كبرى.
إطار مؤسسي وتشريعي داعم للشراكة
أسست مصر والسعودية علاقاتهما الاقتصادية على قاعدة مؤسسية راسخة، من أبرز أركانها مجلس الأعمال المصري السعودي، الذي يلعب دورًا حيويًا في تعزيز التواصل بين مجتمعَي الأعمال وتفعيل الفرص الاستثمارية المشتركة، كما تجاوز عدد الاتفاقيات الثنائية الموقعة بين البلدين 160 اتفاقية، تغطي مجالات متعددة تشمل التجارة، الطاقة، الاستثمار، البنية التحتية، الصحة، التكنولوجيا، والاتصالات.
قفزات في التبادل التجاري
شهد التبادل التجاري بين القاهرة والرياض طفرة كبيرة منذ 2018:
ففي العام 2021، بلغ التبادل التجاري نحو 54 مليار ريال سعودي (ما يعادل 14.4 مليار دولار) بنسبة نمو قياسية 87% مقارنة بعام 2020، وارتفع معدل التبادل بين البلدين في العام 2022 إلى 10.4 مليار دولار، محققًا زيادة قدرها 13.5% عن العام السابق، وحقق العام 2023 طفرة كبيرة مسجلٍ نموه وصل إلى 12.8 مليار دولار، ما يعكس استمرارية القوة في العلاقات التجارية، وتصاعد مسار التعاون الاقتصادي كقوتين اقتصاديتين متكاملتين في المنطقة.
استثمارات ضخمة ورؤية متكاملة
بلغ حجم الاستثمارات السعودية في مصر نحو 32 مليار دولار، عبر أكثر من 6800 شركة سعودية تعمل في مجالات الصناعة، السياحة، الزراعة، والاتصالات، وفي المقابل، بلغت الاستثمارات المصرية في السوق السعودية نحو 5 مليارات دولار، من خلال أكثر من 800 شركة مصرية، تركز أنشطتها على الصناعة، الاتصالات، وتجارة التجزئة.
أبرز الاتفاقيات والزيارات الرسمية
أثمرت زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى القاهرة في العام 2021، عن توقيع 14 اتفاقية بقيمة 7.7 مليار دولار في مجالات الطاقة والبنية التحتية والصحة، كما أسفرت زيارة الدكتور مصطفى مدبولي إلى الرياض في العام 2024، عن إعلان ضخ استثمارات سعودية جديدة بقيمة 5 مليارات دولار، عبر صندوق الاستثمارات العامة السعودي.
مجالات التعاون الرئيسة
تتمحور الشراكة بين البلدين حول عدة محاور استراتيجية:
- الطاقة: يشمل التعاون مجالات الطاقة المتجددة، مثل الهيدروجين الأخضر، ومشروعات تقليدية.
- البنية التحتية: تعاون في تطوير الموانئ، الطرق، والمرافق العامة.
- الصحة: شراكات لتطوير الصناعات الدوائية وتبادل الخبرات.
- التكنولوجيا: مشروعات في مجالات التحول الرقمي، الدفع الإلكتروني، والأمن السيبراني.
- الزيارات الرسمية: دبلوماسية نشطة تدعم الاقتصاد
زيارات وزير الخارجية المصري إلى السعودية:
- أغسطس 2024: دعم العلاقات الثنائية والتشاور حول تحديات المنطقة.
- ديسمبر 2024: المشاركة في مباحثات حول سوريا، دعمًا للعملية السياسية الشاملة.
زيارات وزير الخارجية السعودي إلى مصر:
- فبراير 2024: لقاء سامح شكري على هامش اجتماع مجموعة العشرين، تناول سبل تعزيز التعاون الثنائي والقضايا الإقليمية.
وتؤكد هذه الزيارات الدبلوماسية المتبادلة التزام البلدين بتوسيع أطر التعاون السياسي والاقتصادي، ما يدعم الاستقرار في المنطقة.
تسلسل زمني للعلاقات الاقتصادية
- 2018: تولي الدكتور مصطفى مدبولي رئاسة الوزراء.
- 2021: توقيع اتفاقيات كبرى بقيمة 7.7 مليار دولار خلال زيارة ولي العهد إلى القاهرة.
- 2024: إعلان السعودية ضخ 5 مليارات دولار إضافية في الاقتصاد المصري.
ويتبين من تاريخ العلاقات المصرية السعودية أن مصر والسعودية خلال السنوات الأخيرة قدما نموذجًا للتكامل الاقتصادي العربي، من خلال علاقات استراتيجية شاملة، تتوسع عامًا بعد عام، ومع النمو المطرد في حجم التبادل التجاري، وتنوع الاستثمارات، وديناميكية التعاون في القطاعات الحيوية، تفتح الشراكة بين القاهرة والرياض آفاقًا غير محدودة لمستقبل اقتصادي مشترك يُبنى على الثقة والمصالح المتبادلة، والرؤية المشتركة للنهضة الإقليمية.