بأشعة الشمس وسرعة الرياح..الطاقة النظيفة تصنع مجدًا جديدًا لمصر
تواصل مصر ترسيخ مكانتها كأحد اللاعبين الرئيسيين في مجال الطاقة المتجددة على مستوى العالم، مدعومة بموقعها الجغرافي الفريد، ومساحتها الشاسعة، ومواردها الطبيعية من الرياح والشمس، مما يجعلها بيئة خصبة لمشروعات الطاقة النظيفة.
أطلقت الحكومة المصرية "استراتيجية الطاقة المستدامة المتكاملة 2035"، والتي تهدف إلى رفع نسبة الطاقة المتجددة ضمن مزيج الطاقة إلى 42% بحلول عام 2035، وتتم مراجعة هذه الأهداف لتصبح أكثر طموحًا، حيث يُنتظر أن تصل نسبة الطاقة المتجددة إلى 33% بحلول 2025، و48% في 2030، وصولاً إلى 61% بحلول عام 2040، في خطوة تعكس التزام مصر بتحقيق التحول نحو الاقتصاد الأخضر.
إنجازات ملموسة في توليد الكهرباء
بين عامي 2015 و2018، أضافت مصر نحو 28,229 ميجاوات إلى الشبكة الكهربائية، ليصل إجمالي القدرة المركبة إلى 55 جيجاوات، ومن أبرز هذه المشاريع اتفاقية مع شركة "سيمنز" الألمانية لبناء ثلاث محطات كهرباء عملاقة تعمل بالدورة المركبة، أضافت وحدها 14,400 ميجاوات خلال عامين ونصف فقط.
مراكز ربط إقليمي لتعزيز مكانة مصر كمركز للطاقة
تسعى مصر لتكون مركزًا إقليميًا لتبادل الطاقة، من خلال شبكة من خطوط الربط الكهربائي مع دول الجوار، تشمل الأردن، السودان، ليبيا، السعودية، وقبرص واليونان، وقد تم توقيع مذكرات تفاهم واتفاقيات لإنشاء شبكات ربط كهربائي بسعات تصل إلى آلاف الميجاوات، مما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون الإقليمي في مجال الطاقة.
تطوير البنية التحتية لنقل وتوزيع الكهرباء
شهدت شبكة نقل الكهرباء المصرية تطورًا ملحوظًا، حيث ارتفع طول شبكة 500 كيلوفولت من 2,364 كم في عام 2014 إلى أكثر من 6,000 كم بنهاية 2020، كما تضاعف عدد محطات التحويل لتصل إلى 48 محطة. وفي مجال التحكم، تعمل مصر على إنشاء 6 مراكز تحكم جديدة، بالإضافة إلى 7 قائمة، منها مركز تحكم وطني في العاصمة الإدارية الجديدة.
طاقة الرياح: موارد هائلة وفرص واعدة
تمتلك مصر أطلسًا وطنيًا للرياح، وتُعد منطقة خليج السويس من أفضل المناطق عالميًا بمتوسط سرعة رياح يصل إلى 10.5 متر/ثانية، وقد تم بالفعل تشغيل مشاريع كبيرة، منها مزرعة رياح رأس غارب بقدرة 262.5 ميجاوات، ومشروع غرب بكر بقدرة 250 ميجاوات، إلى جانب مشروعات قيد التنفيذ بتمويل دولي من اليابان وألمانيا وفرنسا.
الشمس المصرية.. مصدر للطاقة والتقدم
بفضل موقعها ضمن "الحزام الشمسي"، تعد مصر من الدول المثالية للاستثمار في الطاقة الشمسية، ويُعد مشروع "بنبان" في أسوان من أبرز إنجازاتها، بإجمالي قدرة إنتاجية تصل إلى 1.5 جيجاوات، ويضم 32 محطة فردية على مساحة 37 كيلومترًا مربعًا، وقد ساهم انخفاض تكلفة إنتاج الكهرباء الشمسية إلى 2-3 سنتات للكيلوواط ساعة في تعزيز جاذبية القطاع.
تحلية المياه والمركبات الكهربائية ضمن أولويات الطاقة
مع الحاجة المتزايدة للمياه، تعمل مصر على ربط مشاريع تحلية المياه بمصادر الطاقة المتجددة. وتخطط الدولة لإنتاج 2.8 مليون قدم مكعب من المياه يوميًا بحلول عام 2025، وفي السياق نفسه، تعزز الحكومة قطاع المركبات الكهربائية بالتعاون مع القطاع الخاص، مستفيدة من فائض الكهرباء المتاح.
نحو محتوى محلي واستدامة اقتصادية
في إطار رؤية مصر 2030، تركز الحكومة على تعزيز التصنيع المحلي في قطاع الطاقة، حيث وصلت نسبة المحتوى المحلي في مشاريع طاقة الرياح إلى 30% عام 2018، وكان الهدف بلوغ 70% بنهاية 2020، بالإضافة إلى 50% في مشاريع الطاقة الشمسية المركزة.
أرقام ودلالات
- الطاقة المتجددة المركبة بحلول نهاية 2021: 6,378 ميجاوات
- الطاقة المتجددة المتوقعة بنهاية 2022: 8,778 ميجاوات
- طاقة الرياح المحتملة: 31,150 ميجاوات
- الطاقة الشمسية المحتملة: 52,300 ميجاوات
- النفايات المستخدمة لإنتاج الطاقة: 4.2 مليون طن، تولّد 300 ميجاوات خلال 5 سنوات
دور القطاع الخاص والمجتمع الدولي
تعتمد مصر بشكل كبير على القطاع الخاص في تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة، مع تسهيلات استثمارية ودعم من مؤسسات تمويل دولية كالبنك الأوروبي لإعادة الإعمار ومؤسسة التمويل الدولية، كما ترتبط مصر بشراكات استراتيجية مثل مبادرة "باور أفريكا" بقيادة الحكومة الأمريكية، لدعم الاستثمار في الطاقة في القارة الإفريقية.
تسير الاستراتيجية الوطنية للطاقة المتجددة التي وضعتها الحكومة بخطى ثابتة نحو تحول مصر إلى قوة إقليمية في مجال الطاقة المتجددة، مستندة إلى إرادة سياسية قوية، وإمكانيات طبيعية ضخمة، وخطط استراتيجية واضحة. وبينما تواصل البلاد تنفيذ مشاريعها الطموحة، تضع نفسها بقوة على خريطة الطاقة النظيفة عالميًا، نموذجًا يُحتذى به في التحول نحو الاستدامة.
