قبل زيارة الرئيس السيسي.. خبراء يتحدثون عن العلاقات المصرية الجيبوتية

أشاد خبراء بالعلاقات بين مصر وجيبوتي سواء السياسية أو الاقتصادية، وتوقعوا أن تشهد الزيارة المرتقبة للرئيس عبد الفتاح السيسي إلى جيبوتي مناقشة العديد من الملفات، ويبرز في مقدمتها؛ أمن البحر الأحمر والممرات المائية ودعم الصومال ومكافحة الإرهاب.
علاقات سياسية واقتصادية مميزة
وأكد الدكتور شريف الجبلي، رئيس لجنة الشئون الإفريقية في مجلس النواب، خلال تصريحاته الخاصة لـ«نيوز رووم»، أن العلاقات بين مصر وجيبوتي مميزة للغاية سواء من الناحية الاقتصادية أو السياسية، مشيرًا إلى وجود تعاون كبير واستراتيجي هام بين الدولتين خلال السنوات الماضية.
وأشار رئيس لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب، إلى أن أهم ما يميز جيبوتي، هو موقعها الاستراتيجي عند مدخل البحر الأحمر ومضيق باب المندب، كما أنها مجاورة للصومال، وذلك بجانب أنها مدخل مهم للدول من الناحية الاقتصادية لوجود ميناء جيبوتي، والمراكز اللوجستية للتجارة.
زيارة الرئيس السيسي محطة مهمة في علاقة البلدين
ومن جانبه، أكد خبير الشؤون الإفريقية، الدكتور رمضان قرني خلال تصريحاته لـ"نيوز رووم" أن الزيارة المتوقعة للرئيس السيسي إلى دولة جيبوتي تمثل محطة مهمة في تاريخ علاقات البلدين، حيث يمكن القول أن التعويل على الدبلوماسية الرئاسية يُمثل ملمحًا مهمًا من ملامح العلاقات بين مصر وجيبوتي.
وأوضح أن العلاقات التاريخية بين البلدين تعود إلى مئات السنين، وخاصة في ضوء تواجد الطلاب الإرتريين للدراسة في الأزهر الشريف ورواق الجبرتية التي كان يضم طلاب من إرتريا وجيبوتي والصومال هذه المنطقة المهمة من مناطق القارة الإفريقية، وأضاف: "لكن في العصر الحديث يمكن القول أن العلاقات تعود لعام 1977، وهو العام الذي اعترفت فيه مصر بدولة جيبوتي وإقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين".
وتوقف الخبير في الشؤون الإفريقية، عند محطة مهمة في العلاقات المصرية مع دولة جيبوتي، وهي الزيارة التي قام بها الرئيس السيسي إلى جيبوتي في عام 2022، موضحًا أنها تُعد أول زيارة لرئيس مصري لدولة جيبوتي، ومثلت مرحلة مهمة من مراحل علاقات البلدين، والنظرة المصرية إلى منطقة شرق إفريقيا والقرن الإفريقي.
أهمية زيارة الرئيس إلى جيبوتي
وعن الزيارة المرتقبة للرئيس السيسي إلى جيبوتي، أكد "قرني"، أنها مهمة في ضوء العديد من الاعتبارات، وفي مقدمتها؛ انفتاح مصر القوي على منطقة القرن الإفريقي وتكثيف العلاقات الاستراتيجية مع دول القرن الإفريقي، وربما القمة الثلاثية بين مصر وإرتريا والصومال، والتي استضافتها العاصمة أسمرة نهاية عام 2024، كانت نقطة محورية في هذا الحوار، حيث تم تأسيس مجلس للعلاقات الاستراتيجية بينهم.
وأضاف: "أيضًا يمكن القول أن التنسيقات المصرية مع جيبوتي ليست ببعيدة عن هذا الملف المهم الذي تسعى مصر من خلاله إلى صياغة نظام إقليمي ونظام أمني لمنطقة القرن الإفريقي بالنظر إلى أهميتها للأمن القومي المصري، وهذا النظام الإقليمي أو الأمني لمنطقة القرن الإفريقي ينهض على جملة من المرتكزات، المرتكز الأول هو احترام سيادة الدول ووحدة وسلامة أراضيها واحترام قواعد القانون الدولي التي تُنظم العلاقات بين الدول".
المرتكز الثاني وفقًا لخبير الشؤون الإفريقية، يقوم على أهمية وضع حلول إفريقية للأزمات الإفريقية، حيث تسعى مصر من خلال التعاون مع الشركاء الأفارقة إلى صياغة حلول إفريقية حقيقة لأزمات دول القارة ومنها منطقة القرن الإفريقي التي تحظى بأهمية خاصة في منظومة الأمن القومي لمصر، ومن هنا النظر إلى أهمية جيبوتي بالنسبة للأمن القومي المصري باعتبار جيبوتي تمثل البوابة الجنوبية لقناة السويس من خلال تواجدها قرب خليج عدن ومضيق باب المندب.
وتابع: "في إطار رصد طبيعة العلاقات المصرية مع دولة جيبوتي، يمكن القول بتعدد هذه العلاقات، على الصعيد الدبلوماسي يمكن التوقف عند توقيع البلدين في عام 2022 على مذكرة تفاهم لإنشاء آلية تشاور سياسي بين وزارتي الخارجية في مصر وجيبوتي، أتصور أن هذه المذكرة تمثل محطة مهمة للتنسيق السياسي بين البلدين، حيث يُلاحظ بدرجة كبيرة تقارب الرؤى المصرية وجيبوتي تجاه العديد من القضايا، ومنها؛ الصومال ومكافحة الإرهاب والتغييرات المناخية وسد النهضة وغيرها".
العلاقات الاقتصادية والتعاون بين البلدين
على الصعيد الاقتصادي، أكد "قرني"، أن بشكل عام علاقات مصر السياسية والأمنية والاقتصادية مع دول القارة الإفريقية لا تنعكس بدرجة واضحة في أرقام التبادل التجاري، ومازالت أرقام التبادل التجاري بين مصر والدول الإفريقية محدودة إلى حد كبير، موضحًا أن هذا الأمر لا ينطبق على جيبوتي إنما ينطبق تقريبًا على أغلب الدول الإفريقية، حيث إن حجم التبادل بين مصر وجيبوتي تقريبًا لا يتجاوز 100 مليون دولار، حتى عام 2021 كان 62 مليون دولار ثم قفز في عام 2022 إلى 86 مليون دولار، وحاليًا يُقارب الـ100 مليون دولار.
وأشار إلى أن هناك مجالات مهمة من التعاون بين البلدين يمكن أن تلتقي بالتعاون الاقتصادي، خاصة بين توقيع البلدين مذكرة تفاهم لإنشاء منطقة لوجستية مصرية في جيبوتي، أنا أتصور أن هذه نقطة مهمة ومرحلة مفصلية في العلاقات بالنظر إلى خبرة مصر في المناطق اللوجيستي وتحديدًا في قناة السويس، وأيضًا اعتماد دولة جيبوتي على الموانئ باعتبار أنها مصدر رئيسي من مصادر الدخل، ومن ثم يمكن القول أن التنسيق بين المناطق اللوجستية في البلدين هو قاطرة للتنمية والتعاون والاقتصادي.
وتابع الخبير في الشؤون الإفريقية: "كذلك على الصعيد الأمني والعسكري، أعتقد أن هذا الملف من أبرز الملفات للتعاون بين البلدين من خلال آليات مختلفة ربما أبرزها استضافة الأكاديميات والكليات العسكرية المصرية الكوادر العسكرية في جيبوتي للدراسة والتدريب في العديد من المجالات، أيضًا هناك اتفاق بين مصر وجيبوتي على التعاون في مجال مكافحة الإرهاب خاصة في منطقة البحر الأحمر وعمليات مكافحة القاصلة الدولية في هذا الممر الدولي المهم للغاية".
أمن البحر الأحمر والتعاون يتصدران ملفات الزيارة
وأشار الدكتور رمضان قرني، إلى أن هذه الزيارة تحتل أهمية خاصة في ضوء العديد من الاعتبارات، أولها يتعلق بأمن البحر الأحمر وأمن الممرات المائية المرتبطة به سواء باب المندب وخليج عدن أو منطقة قناة السويس في ضوء التغيرات الأخيرة وخاصة ما يتعلق بالحملة العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين، والحديث عن تطور العمليات العسكرية، وبالتالي توقع أن يكون لهذه العمليات تبعيات على الأمن القومي لمصر وجيبوتي باعتبارهما من دول البحر الأحمر.
ولفت إلى أن التعاون المصري الجيبوتي لدعم الصومال ومكافحة الإرهاب في الصومال في ضوء البعثة الجديدة التي أسسها الاتحاد الإفريقي في الصومال، وهي بعثة أوسوم ودور مصر التدريبي والعمل على بناء الكوادر الأمنية في دولة الصومال من ثم تنسيق المواقف بين مصر وجيبوتي يحظى بأهمية خاصة في هذا الإطار.
واختتم تصريحاته الخاصة، قائلًا: "في تصوري الملف الدائم في السياسة الخارجية المصرية تجاه إفريقيا وهو دعم الكوادر والقدرات الإفريقية من خلال التعاون بين مصر وجيبوتي عبر الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية باعتبار هذا الملف أبرز الملفات التي تقدمها مصر لدول القارة في مجال بناء الكوادر في التنمية بدرجة كبيرة".