"اقتصادي": الموازنة الجديدة تواجه اختبار التوازن بين خدمة الدين وحماية المواطن

أكد الدكتور إسلام جمال الدين شوقي، الخبير الاقتصادي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، أن موازنة العام المالي الجديد 2025-2026 تعد من أكثر الموازنات تحديا في تاريخ مصر المعاصر، سواء من حيث حجم الإنفاق العام أو من حيث التحديات الاقتصادية الداخلية والخارجية التي تواجه البلاد.
وقال شوقي في تصريحات خاصة لنيوز رووم، إن الوصول إلى موازنة تبلغ قيمتها نحو 4.6 تريليون جنيه يعكس حجم الضغوط التي تواجهها الدولة، لكنه في الوقت نفسه يحمل إشارات إلى طموح اقتصادي جاد نحو الاستقرار والنمو".
وأوضح أن الفائض الأولي المستهدف والبالغ حوالي 795 مليار جنيه، أي ما يعادل 4% من الناتج المحلي الإجمالي، يأتي ضمن خطة طموحة لتقليص الدين العام إلى الناتج المحلي، من نحو 92% إلى 82.9% خلال عام واحد، وهو ما وصفه بـ"خطوة إيجابية لكنها محفوفة بالتحديات".
أعباء الدين.. المعضلة الأكبر
وأشار شوقي إلى أن أكثر ما يثير القلق في مشروع الموازنة الجديدة هو القفزة الكبيرة في أعباء فوائد الدين، التي تجاوزت 43% من إجمالي المصروفات، معتبرًا أن: "هذه النسبة المرتفعة تفرض ضغوطًا كبيرة على قدرة الدولة في الإنفاق على الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة، وتعيد طرح تساؤلات حول استراتيجية الاقتراض وجدوها."
وأكد أن استمرار ضعف الجنيه أمام العملات الأجنبية، إلى جانب توسع الحكومة في الاقتراض الخارجي، ضاعف من تكلفة خدمة الدين، وهو ما يتطلب – بحسب قوله – "ضبطا دقيقا في إدارة السياسة النقدية والسيطرة على التضخم، بما يحافظ على قيمة العملة المحلية."
الإنفاق الاجتماعي.. محاولة لاحتواء الأزمات
ورحب شوقي بالزيادات المخصصة لبنود الدعم الاجتماعي، والتي بلغت أكثر من 732 مليار جنيه، مؤكدًا أن ذلك يعكس "إدراك الحكومة لأهمية الحفاظ على شبكة الحماية الاجتماعية، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الضاغطة التي يعيشها المواطن."
وأضاف: "رفع دعم السلع الغذائية والخبز إلى 160 مليار جنيه، إلى جانب دعم الكهرباء والمواد البترولية وتوصيل الغاز الطبيعي، يمثل توجهًا محمودا نحو تحقيق نوع من العدالة الاجتماعية، حتى وإن كان ضمن حيز ضيق من الموارد المتاحة."
جذب الاستثمار... كلمة السر في معادلة النمو
ورأى الدكتور إسلام شوقي أن الرهان على تحفيز الاستثمار هو "الطريق الأكثر فاعلية" لتحسين المؤشرات الاقتصادية، مشيدا بجهود الحكومة في هذا الاتجاه، لكنه أشار إلى أن تحقيق معدل نمو مستهدف قدره 5.5% "يتطلب إصلاحات هيكلية أعمق، وتذليل العقبات البيروقراطية أمام القطاع الخاص."
كما شدد على أن الوصول إلى 18 مليون سائح بحلول نهاية عام 2025 "يحتاج إلى استراتيجية متكاملة تتضمن تحسين البنية التحتية، والترويج السياحي الذكي، والاستقرار السياسي و الأمني."
السياسة النقدية... بين دعم الاقتصاد وجذب الاستثمارات
وفي تعليقه على خفض البنك المركزي لسعر الفائدة بمقدار 225 نقطة أساس، قال شوقي: "القرار يحمل جانبا إيجابيا من حيث تحفيز النشاط الاقتصادي، لكنه قد يمثل تحديًا في جذب رؤوس الأموال الأجنبية الباحثة عن عوائد مرتفعة، خاصة في ظل المنافسة الإقليمية."
هل تنجح الحكومة في تنفيذ رؤيتها؟
وأكد على أن نجاح الموازنة لن يقاس بالأرقام على الورق، بل بمدى القدرة على التنفيذ الواقعي في ظل المتغيرات العالمية المتسارعة، قائلًا: "التنسيق بين السياسة النقدية والمالية، والاستمرار في الإصلاحات الهيكلية، سيكونان مفتاح نجاح هذه المرحلة. نحن أمام موازنة تمشي على حبل مشدود بين الاستقرار المالي والعدالة الاجتماعية."