عاجل

خطة ترامب بشأن غزة.. شريان حياة لنتنياهو أم خدعة سياسية؟

ترامب ونتنياهو
ترامب ونتنياهو

خطة جديدة لمحاولة تقسيم الشرق الأوسط .. أم مجرد محاولة لكسب مزيد من الوقت لحكومة نتنياهو الهشة لإعادة توازنها .. أم هي بدية لدخول المنطقة في صراعات وحروب لا نهاية لها .. لكن الحقيقة أنها مزيد من الغطرسة والتبجح المعروف عن ترامب. 

فقد كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال مؤتمر صحفي جمعه برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، عن اقتراح مثير للجدل لنقل الفلسطينيين من قطاع غزة ووضع المنطقة تحت السيطرة الأمريكية!. 

وبحسب تحليل صحيفة "صنداي تايمز"، فقد منحت الخطة، التي أُعلن ترامب، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شريان حياة سياسي محتمل وسط ضغوط محلية متزايدة، في حين يرفض الخبراء جدوى الاقتراح، حيث أن آثاره على المنطقة وحكومة نتنياهو الائتلافية الهشة لا يمكن إنكارها.

اقتراح "ريفييرا الشرق الأوسط "

تتصور خطة ترامب، التي وصفها بأنها "موقف ملكية طويل الأجل" للولايات المتحدة في غزة، نقل ما يقرب من مليوني غزاوي إلى "دول ذات أهمية وذات قلوب إنسانية" .. واقترح أن مصر والأردن يمكنهما استيعاب السكان النازحين، على الرغم من أن كلا البلدين رفضا الفكرة جملة وتفصيلا. 

وخلال المؤتمر الصحفي، رسم ترامب رؤية عظيمة _  من وجهة نظره_ لمستقبل غزة، واصفا إياها بـ "ريفييرا الشرق الأوسط" ومكان يمكن أن يعيش فيه "شعوب العالم"، على الرغم من أنه أوضح لاحقًا أن الفلسطينيين يجب أن يظلوا السكان الأساسيين.

من جهة أخرى فقد قوبل الاقتراح بتشكك واسع النطاق، حيث ينظر إليه العديد من المحللين السياسيين على أنه مثال آخر على التهويل المميز لترامب، الأقرب للمسرح السياسي من التنفيذ العملي، ومع ذلك.

 أما على الجانب الإسرائيلي فيواجه نتنياهو، الذي جلس بصمت بجانب ترامب أثناء الإعلان، ضغوطًا شديدة من أعضاء اليمين المتطرف في حكومته لضمان إزالة حماس بالكامل من غزة، إلا أن خطة ترامب، على الرغم من أنها غير قابلة التنفيذ، فقد توفر لنتنياهو ورقة مساومة لاسترضاء شركائه في الائتلاف.

شريان الحياة السياسي لنتنياهو

تأتي مهمة نتنياهو الدبلوماسية التي استمرت أسبوعًا إلى واشنطن في منعطف حرج لحكومته، فقد هددت الفصائل اليمينية المتطرفة داخل حكومته بسحب دعمها إذا انتهت الحرب في غزة دون هزيمة حماس تمامًا .. ليأتي إقتراح ترامب ليسمح لنتنياهو بتقديم بديل جريء على ما يبدو لحلفائه وهو إمكانية التدخل الأمريكي وإعادة تشكيل قطاع غزة.

بالنسبة لنتنياهو، فإن المخاطر لا يمكن أن تكون أعلى، فيعتمد بقاؤه السياسي على الحفاظ على الائتلاف "الهش" الذي يدعم حكومته من خلال الانحياز إلى خطة ترامب، فإنه يكتسب نفوذًا مؤقتًا، حتى لو كان الاقتراح نفسه يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه غير قابل للتنفيذ.

أصداء النكبة وردود الفعل العربية

بالنسبة للفلسطينيين، يستحضر اقتراح ترامب ذكريات مؤلمة للنكبة، والنزوح الجماعي للفلسطينيين وتهجيرهم من أراضيهم وقيام الكيان الإسرائيلي عام 1948، وقد قوبلت فكرة الترحيل القسري بالإدانة من قبل القادة الفلسطينيين ومنظمات حقوق الإنسان.

كما أثارت الخطة انتقادات حادة من القوى الإقليمية .. فمن جانبهم فقد رفض زعماء مصر والأردن فكرة تهجير الفلسطينيين من أراضيهم وتصفية القضية من مضمونها 

وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأردني الملك عبدالله الثاني فكرة نقل سكان غزة سواء كان نقلا مؤقتا أو طويل الأمد. 

وفي السياق ذاته، فقد أصدرت المملكة العربية السعودية، وهي حليف رئيسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، بيانًا كررت فيه رفضها لتطبيع العلاقات مع إسرائيل بموجب اتفاقيات إبراهيم التي أبرمها ترامب دون إقامة دولة فلسطينية.

وتشير التقارير إلى أن زعماء الخليج يعملون خلف الكواليس لثني ترامب عن متابعة الخطة، التي يخشون أن تؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة وتوتر العلاقات مع واشنطن.

العقبات القانونية والعملية

وتواجه مقترحات الرئيس الأمريكي، تحديات قانونية ولوجستية كبيرة فهي تتعارق مع اتفاقية جنيف، التي صادقت عليها كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، وتنص غلي عدم حظر إعادة توطين السكان بالقوة. 

بالإضافة إلى ذلك، سيحتاج ترامب إلى موافقة الكونجرس لنشر قوات أو مقاتلين أمريكيين في غزة - وهو احتمال يبدو غير مرجح بالنظر إلى برنامجه السابق "أمريكا أولاً"، الذي أكد على الانسحاب من الصراعات الأجنبية.

ويزعم المعارضون لخطة ترامب، أنها غير عملية، كما إنها تتناقض أيضًا مع سياسات ترامب الانعزالية المعلنة.

خدعة أم تغيير قواعد اللعبة؟

لكن السؤال يبقى مطروحا: هل خطة ترامب بشأن غزة اقتراح جاد أم مجرد مثال آخر على تبجحه المعتاد؟ .. ورغم أن جدوى الخطة مشكوك فيها، فإن قدرتها على إعادة تشكيل المشهد السياسي في الشرق الأوسط لا يمكن تجاهلها .. فبالنسبة لنتنياهو، توفر الخطة هدنة مؤقتة من الضغوط الداخلية .. أما بالنسبة للمنطقة، فإنها تثير شبح المزيد من عدم الاستقرار والصراع.

تم نسخ الرابط