أمين الفتوى: تهنئة الأقباط بالأعياد موقف أصيل من الإسلام وليس استثناء

أكد الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بـدار الإفتاء المصرية، أن تهنئة الإخوة المسيحيين بمناسباتهم الدينية لا تُخالف تعاليم الإسلام، بل تُجسد قيم التسامح والتعايش والمودة، التي يُقرّها الدين الإسلامي ويحضّ عليها.
وأوضح فخر أن علاقة المسلمين والمسيحيين في مصر ليست علاقة طارئة أو شكلية، بل هي نسيج وطني متماسك منذ القدم، يعيش فيه الجميع على أرض واحدة، ويواجهون نفس التحديات.
وجاء ذلك خلال حواره في برنامج "فتاوى الناس"، الذي يقدمه الإعلامي مهند السادات على قناة "الناس"، حيث ناقش فخر قضية الجدل المتكرر حول جواز تهنئة الأقباط بأعيادهم، مؤكدًا أن الدين الإسلامي لا يمنع الفرح لفرحهم، ولا يحظر الحزن لحزنهم، بل يوصي بالود والتراحم بين أبناء الوطن.
من روح النص القرآني
أشار فخر إلى أن التهاني تدخل في إطار رد التحية والإحسان إلى الآخر، مستشهدًا بقوله تعالى: "وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا"، موضحًا أن المسلم حين يتلقى تهنئة من أخيه المسيحي، يجب عليه أن يردها بأفضل منها، ولا مانع في ذلك شرعًا، بل هو من تمام مكارم الأخلاق التي جاء بها الإسلام.
وتابع: "نحن اعتدنا في رمضان أن يهنئنا إخوتنا المسيحيون، ونردّ عليهم التهنئة، وكان ذلك يُسعدنا ويزيد من مشاعر الأخوة، ولم يكن يُنظر إليه على أنه خروج عن الدين".
من مواقف التاريخ
وأكد أمين الفتوى أن العلاقة التاريخية بين المسلمين والمسيحيين في مصر أثبتت نفسها في أوقات المحن قبل الرخاء، مُذكّرًا بمشهد ثورة 1919 حين خرج الشعب المصري موحدًا تحت راية الهلال والصليب، في مواجهة الاستعمار، دون أن تُفرّقهم العقائد أو الأعياد.
وأضاف: "هذه الوحدة لم تكن لحظة عابرة، بل كانت تعبيرًا حقيقيًا عن جوهر الشعب المصري، الذي لم يعرف في تاريخه عزلة دينية أو طائفية".
أفكار وافدة وفتاوى دخيلة
انتقد الدكتور فخر ما وصفه بـ"الأسئلة الموسمية" التي تُطرح حول هذه القضية مع اقتراب كل عيد، قائلاً: "هذا السؤال لم يكن يُطرح في الماضي، ولم نكن نرى من يسأل: هل يجوز أن أقول لأخي المسيحي كل سنة وأنت طيب؟!".
واعتبر أن مثل هذه التساؤلات ناتجة عن أفكار وافدة وغريبة عن المجتمع المصري، تهدف إلى زعزعة الانسجام الوطني، مضيفًا أن الشريعة الإسلامية ليست ضد الإنسانية، ولا تنزعج من المودة الطبيعية بين أبناء المجتمع الواحد.

نموذج للتعايش والإنسانية
وفي ختام حديثه، أشار أمين الفتوى إلى أن النبي محمد ﷺ كان يعيش في المدينة مع اليهود ويتعامل معهم ماليًا واجتماعيًا، بل توفي ودرعه مرهونة عند يهودية، وهو ما يدل على قبول الإسلام للتعايش السلمي والتعامل الإنساني مع غير المسلمين.
وشدد على أن رسالة دار الإفتاء هي ترسيخ قيم الاحترام المتبادل والمحبة والتسامح، لا سيّما في ظل السياقات المجتمعية التي تستدعي التحلي بروح وطنية تجمع ولا تُفرّق.
وذكر: "نحن لا ندعو إلا لما يُرسّخ المحبة، ويرفع الجفاء، ويقوي أواصر المجتمع.. فالإسلام دين السلام، ولا يعرف التفرقة بين أبناء الأرض الواحدة".