محادثات أمريكية إيرانية في روما.. حذر وجدل حول حدود التخصيب وضمانات الالتزام

شهدت العاصمة الإيطالية روما يوم أمس السبت جولة ثانية من المحادثات غير المباشرة بين وفدين من الولايات المتحدة وإيران، في إطار المساعي الدولية لاستئناف المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني والتوصل إلى اتفاق دائم وشامل.
وترأس الوفد الإيراني نائب وزير الخارجية عباس عراقجي، فيما قاد الوفد الأمريكي ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب.
وعقب انتهاء الجولة، أعلن عراقجي أن خبراء من الطرفين سيعقدون اجتماعات تقنية خلال الأيام المقبلة لمناقشة المسائل الفنية العالقة، وفي مقدمتها مستويات تخصيب اليورانيوم، وحجم المخزونات النووية، وآليات الرقابة والتحقق من الالتزام بالاتفاق، في إشارة إلى الترتيبات المعروفة بـ"الضمانات".
طهران ونسبة التخصيب
الجدل احتدم مجددًا حول ما إذا كان سيتم السماح لطهران بتخصيب اليورانيوم عند مستوى 3.67%، كما نص عليه الاتفاق النووي لعام 2015، أو ما إذا كانت الإدارة الأمريكية ستصرّ على حظر أي مستوى من التخصيب بشكل نهائي.
ففي حين أبدى ويتكوف ليونة نسبية، معتبرًا أن "إيران ليست بحاجة إلى تخصيب يتجاوز 3.67%"، بحسب تصريحاته لشبكة فوكس نيوز، فإن مستشار الأمن القومي الأمريكي مايكا والتز أشار في وقت سابق إلى أن "جميع المنشآت النووية الإيرانية وترسانات الصواريخ البعيدة المدى يجب أن تخضع للتفكيك الكامل"، ما يشير إلى تباين داخلي في الموقف الأمريكي.
مرونة إيرانية
وبحسب مصادر مطلعة تحدثت إلى صحيفة نيويورك تايمز، أبدى الوفد الإيراني خلال محادثات غير رسمية استعدادًا لخفض التخصيب إلى حدود الاتفاق السابق، ما اعتبر مؤشرًا على رغبة في كسر الجمود، لكن بشرط الحصول على ضمانات بعدم انسحاب واشنطن مستقبلاً من أي اتفاق يتم التوصل إليه، وهو ما رفضته الإدارة الأمريكية، مستندة إلى أن "الرئيس الأمريكي لا يمكنه إلزام من يخلفه".
في موازاة ذلك، أصدرت سلطنة عُمان، التي تلعب دور الوسيط في المحادثات، بيانًا دعت فيه إلى دخول الطرفين "مرحلة جديدة من التفاوض تهدف إلى الوصول لاتفاق ملزم يضمن التخلي الكامل عن الطموحات النووية العسكرية لإيران، مقابل الرفع الكامل للعقوبات، مع الحفاظ على حق طهران في تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية".
مقترحات احتياطية
وفي تطور موازٍ، نقلت وول ستريت جورنال عن مصادر دبلوماسية أن الجانب الإيراني حضّر مجموعة من المقترحات لاتفاق نووي جديد، أبرزها المطالبة بضمانات قانونية أمريكية تضمن استمرارية الاتفاق.
غير أن عراقجي حذّر علنًا يوم الجمعة الماضي من "مطالب غير واقعية"، بعد أن دعا ويتكوف إلى تفكيك كامل للبرنامج النووي الإيراني، بما في ذلك الأغراض المدنية، وهو ما تعتبره طهران "خطًا أحمر".
تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأمركي السابق دونالد ترامب كان قد انسحب من الاتفاق النووي في مايو 2018، معيدًا فرض عقوبات مشددة على طهران، فيما فشلت إدارة جو بايدن في إعادة إحياء الاتفاق رغم جولات طويلة من التفاوض، معللة ذلك بصعوبة تقديم ضمانات قانونية بشأن التزام الإدارات المستقبلية.
وبينما يسود الترقب أجواء الجولة المقبلة، يبقى مصير الاتفاق النووي رهين التوازنات السياسية الداخلية في كل من واشنطن وطهران، والتنازلات التي قد تُقدَّم على طاولة التفاوض.