أحكام قضائية وتصعيدات سياسية.. قيس سعيد يصّعد ضد المعارضة التونسية

أصدرت محكمة تونسية أحكامًا مشددة بالسجن تراوحت بين 13 و66 عامًا على عدد من السياسيين، ورجال الأعمال، ومحامين معارضين، في قضية جماعية أثارت موجة من الانتقادات الحادة، واعتبرها كثيرون دليلاً على تدهور الحريات السياسية في البلاد وتصاعد الحكم الفردي للرئيس قيس سعيد.
أحكام قضائية
وكان رجل الأعمال المعروف كامل لطيف قد تلقى الحكم الأثقل في هذه القضية، حيث قضت المحكمة بسجنه 66 عامًا، بينما حكم على السياسي المعارض خيام تركي بالسجن لمدة 48 عامًا.
وشملت الأحكام أيضًا شخصيات بارزة في المشهد السياسي التونسي مثل غازي الشواشي، وعصام الشابي، وجواهر بن مبارك، ورضا بلحاج، الذين أدينوا بالسجن لمدة 18 عامًا، وتُشير التقارير إلى أن هؤلاء المعارضين معتقلون منذ عام 2023.

إسكات صوت المعارضة
المحاكمة، التي بدأت في مارس الماضي، شملت 40 متهمًا، لكن أكثر من نصفهم، أي نحو 20 شخصًا، غادروا البلاد بعد توجيه التهم إليهم. وتقول السلطات إن المجموعة المتهمة كانت تخطط لـ"زعزعة استقرار الدولة ومحاولة الإطاحة بالرئيس قيس سعيد"، وهي تهم ينفيها جميع المتهمين ومناصروهم بشدة.
في المقابل، يرى محامو الدفاع والمعارضون أن القضية تفتقر لأدنى شروط المحاكمة العادلة.
وقال المحامي أحمد صواب عشية صدور الحكم: "ما شهدته ليس محاكمة، بل مهزلة قضائية، الأحكام معدة مسبقًا، وما يحدث فضيحة قانونية وأخلاقية".
يوسف الشواشي، نجل أحد المحكوم عليهم، اعتبر الأحكام "جائرة وانتقامية"، وقال إنها "محاولة لإسكات أصوات المعارضة".

تصعيد سياسي
ويأتي هذا التصعيد القضائي بعد أن فاز الرئيس قيس سعيد بولاية رئاسية ثانية في انتخابات 2024 بنسبة تجاوزت 90%، وسط مقاطعة سياسية واسعة.
وقد اتُهم سعيد مرارًا بتركيز السلطة في يده منذ قراراته المثيرة للجدل عام 2021، عندما علّق عمل البرلمان، وبدأ الحكم عبر المراسيم، كما حلّ المجلس الأعلى للقضاء وأقال عشرات القضاة في 2022.
نجيب الشابي، رئيس جبهة الإنقاذ الوطني وأحد المتهمين في القضية، اتهم السلطات بمحاولة "تجريم المعارضة"، مؤكداً أن هذه الإجراءات تهدف إلى القضاء على التعددية السياسية، في وقت تعيش فيه البلاد أزمة اقتصادية خانقة واحتقانًا اجتماعيًا متزايدًا.
وتعيش تونس، مهد الربيع العربي، اليوم على وقع تراجع كبير في المكتسبات الديمقراطية التي تحققت بعد الثورة، حيث أصبح عدد كبير من زعماء الأحزاب السياسية قيد الاعتقال، ومن بينهم عبير موسي زعيمة الحزب الدستوري الحر، وراشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، أبرز خصوم قيس سعيد.