مرض الجدري.. أسبابه وأنواعه وأعراضه وعلاجه

يُعد مرض الجدري من الأمراض الفيروسية المعدية التي تسببت في الكثير من المعاناة عبر العصور قبل أن يتم القضاء عليه بشكل نهائي من خلال جهود التطعيم العالمية.
وعلى الرغم من أن الجدري أصبح نادرًا بفضل التطعيمات الفعالة، إلا أنه لا يزال يشكل أهمية كبيرة في علم الأوبئة والطب الوقائي.
مرض الجدري.. أسبابه وأنواعه وأعراضه وطريقة علاجه
في هذا التقرير، سوف نستعرض عبر “نيوز روم” مرض الجدري بمختلف جوانبه من حيث الأسباب، الأنواع، الأعراض، وأسلوب العلاج.
ما هو مرض الجدري؟
الجدري هو مرض فيروسي شديد العدوى كان ينتشر بين البشر في جميع أنحاء العالم قبل أن يتم القضاء عليه بشكل نهائي في الثمانينات من القرن الماضي بفضل برنامج التطعيم العالمي الذي أطلقته منظمة الصحة العالمية. يتمثل الجدري في ظهور طفح جلدي مميز، بالإضافة إلى أعراض عامة تشبه الإنفلونزا. يسبب هذا المرض الفيروس الذي يُعرف باسم فيروس الجدري (Variola virus)، وهو ينتمي إلى عائلة Poxviridae.
أسباب مرض الجدري
السبب الرئيسي للإصابة بمرض الجدري هو العدوى بفيروس الجدري. ينتقل هذا الفيروس من شخص إلى آخر عن طريق:
التلامس المباشر مع سوائل الجسم: يمكن أن ينتقل الفيروس من خلال ملامسة الجلد المصاب أو إفرازات الجسم مثل اللعاب أو إفرازات الأنف.
الرذاذ التنفسي: يحدث الانتقال عن طريق استنشاق الرذاذ المتناثر في الهواء أثناء العطس أو السعال من شخص مصاب.
الأدوات الشخصية الملوثة: يمكن أن ينتقل الفيروس أيضًا من خلال استخدام الأشياء التي يلمسها المصاب مثل المناشف أو الأغطية.
أنواع مرض الجدري
ينقسم مرض الجدري إلى نوعين رئيسيين هما:
الجدري العادي (Variola major): يُعد هذا النوع هو الأكثر شيوعًا والأشد خطورة. قد يؤدي الجدري العادي إلى الوفاة في بعض الحالات، خصوصًا عندما يعاني المريض من مضاعفات شديدة مثل التسمم البكتيري أو فشل الأعضاء. في العصور القديمة، كان هذا النوع هو الذي يتسبب في أوبئة ضخمة.
الجدري الخفيف (Variola minor): هذا النوع أقل خطورة مقارنة بالجدري العادي. يعاني المصابون بهذا النوع من أعراض أقل شدة، مثل حمى خفيفة وطفح جلدي غير مؤلم. لا يُعتبر الجدري الخفيف مسببًا للمضاعفات الكبيرة كما في الجدري العادي، لكن من الممكن أن يؤدي إلى بعض المضاعفات البسيطة.
من الجدير بالذكر أن هناك أيضًا جدري القردة (Monkeypox)، الذي يُعتبر مرضًا مشابهًا للجدري، ولكنه ناتج عن فيروس مختلف ويظهر بشكل أقل شيوعًا. يُنتقل عن طريق الحيوانات، لكنه قد يصيب البشر أيضًا.
أعراض مرض الجدري
تتراوح أعراض مرض الجدري بين المعتدلة والشديدة، وتبدأ عادة بعد فترة حضانة تتراوح بين 7 إلى 17 يومًا بعد الإصابة بالفيروس. تتضمن الأعراض الرئيسية للجدري ما يلي:
الحمى الشديدة: عادة ما تبدأ الحمى بشكل مفاجئ، وقد ترافقها قشعريرة وآلام في العضلات.
التعب العام والإرهاق: يشعر المصاب بإرهاق شديد وضعف عام، ويعاني من ألم في الجسم.
الصداع الشديد: يعتبر الصداع من الأعراض المصاحبة للجدري، وقد يكون شديدًا جدًا.
آلام في الظهر: يعاني العديد من المصابين بالجدري من آلام شديدة في أسفل الظهر.
الطفح الجلدي: بعد بضع أيام من ظهور الحمى، يبدأ الطفح الجلدي في الظهور على شكل بقع حمراء صغيرة تتحول تدريجياً إلى بثور مملوءة بسائل، ومن ثم تتطور إلى قشور، يظهر الطفح الجلدي أولًا على الوجه ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم مثل الذراعين والساقين والجذع.
تقشر الجلد: مع تطور المرض، تبدأ البثور بالتحول إلى قشور تجف وتتكسر، مما يترك ندوبًا دائمة على الجلد في بعض الحالات.
الإسهال والغثيان: قد يعاني بعض المصابين من اضطرابات هضمية مثل الإسهال والغثيان.
تشخيص مرض الجدري
يتم تشخيص مرض الجدري بناءً على الأعراض السريرية، وخاصة ظهور الطفح الجلدي المميز. في حالة وجود شكوك حول الإصابة بالجدري، يمكن أن يُطلب إجراء اختبارات مخبرية لتأكيد الإصابة بفيروس الجدري. يشمل ذلك:
اختبار المسحة من البثور: يتم أخذ عينة من السائل الموجود في البثور وتحليلها للكشف عن وجود الفيروس.
التحاليل المخبرية: مثل اختبار PCR أو فحص الأجسام المضادة للفيروس.
علاج مرض الجدري
في الوقت الذي كانت فيه العدوى بفيروس الجدري تُعتبر قاتلة في كثير من الأحيان، تم القضاء عليه بشكل كامل في عام 1980 بفضل التطعيم الجماعي. ولذلك، لا يوجد علاج مباشر للجدري اليوم، حيث يعتمد العلاج على الوقاية بشكل أساسي.
التطعيم: يُعد التطعيم ضد الجدري من أنجح الوسائل التي ساعدت في القضاء على المرض. تم استخدام لقاح الجدري منذ الخمسينات وأثبت فعاليته العالية في الوقاية من الإصابة بالفيروس.
العلاج الداعم: في حال إصابة الشخص بالمرض، يكون العلاج عادة داعمًا ويشمل الراحة في الفراش، مسكنات للألم، وعلاج الأعراض مثل الحمى والصداع.
العناية بالجروح: قد تحتاج البشرة المصابة إلى العناية الخاصة للتقليل من خطر العدوى الثانوية. من الضروري استخدام الأدوية المضادة للبكتيريا إذا حدثت عدوى بكتيرية ثانوية.
الوقاية من مضاعفات العدوى: في حالات العدوى الشديدة، قد يتطلب الأمر دخول المستشفى للمراقبة والعلاج المكثف مثل إعطاء سوائل وتهوية صناعية إذا لزم الأمر.
الوقاية من مرض الجدري
الطريقة الوحيدة التي أثبتت فعاليتها في الوقاية من مرض الجدري هي التطعيم، والذي كان يتم إعطاؤه للأطفال والكبار على حد سواء. تم القضاء على مرض الجدري بالكامل بعد إطلاق حملة التطعيم العالمية التي بدأت في الستينيات من القرن الماضي، وأدى ذلك إلى إعلان منظمة الصحة العالمية عام 1980 أن الجدري قد تم القضاء عليه.
أما بالنسبة للوقاية المستقبلية من الأنواع المشابهة للجدري مثل “جدري القردة”، فإن الوقاية تتم من خلال اللقاحات الحديثة التي تُعطى في حالات الطوارئ أو في المناطق التي ينتشر فيها المرض.