أمين الفتوى يحذّر: عدم رد الأمانات من الكبائر وسرقة صريحة

وجه الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، تحذيرًا شديد اللهجة بشأن خطورة التهاون في رد الأمانات، خاصة تلك التي يُعثر عليها في المرافق العامة، مؤكدًا أن ذلك يُعد من كبائر الذنوب، بل ويصنف شرعًا ضمن أعمال السرقة الواضحة، التي تستوجب التوبة والرد إلى أهلها.
جاءت تصريحاته خلال مشاركته في برنامج "منبر الفتوى" الذي يُذاع على قناة الحياة الفضائية، حيث ناقش خلاله واحدة من الظواهر المجتمعية المتكررة، والتي تتمثل في احتفاظ البعض بما لا يملكونه من ممتلكات الآخرين، بدلاً من السعي لإعادتها إلى أصحابها.
الهواتف المحمولة
سلّط الشيخ عويضة الضوء على الهواتف المحمولة كمثال صارخ على الأمانات التي يمكن استرجاعها بسهولة، مؤكدًا أن من يعثر على هاتف محمول ويحتفظ به رغم قدرته على إعادته لصاحبه، فهو في حكم السارق شرعًا.
وقال:"أنت لقيت حاجة ومردتهاش لصحابها.. والمصيبة إنك تقدر تردها بمنتهى السهولة.. خصوصًا الموبايلات، تقدر ترد على صاحبها أو تتصل بأي رقم من الأرقام المسجلة وتتواصل مع أهله أو أصدقائه".
وأوضح أن الهاتف بالنسبة للكثير من الناس اليوم يمثل حياتهم بالكامل، لما يحتويه من معلومات شخصية ومهنية، بل وقد يتسبب ضياعه أو سرقته في مشكلات نفسية واجتماعية ومهنية كبيرة.
حكم شرعي واضح
أوضح الشيخ أن هناك نصوصًا شرعية واضحة تحذر من أخذ ما لا يملكه الإنسان، حتى وإن وُجد في الطريق أو في مرفق عام، مشيرًا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم حثّ على تعريف اللقطة ومحاولة إعادة المفقودات لأصحابها، قائلاً: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه".
وأكد أن النية الحسنة لا تبرر الخطأ، وأن التبرير بأن "الشيء ضائع" لا يعطي أحدًا الحق في التصرّف فيه كأنّه ملك له، مضيفًا: "لو لقيت حاجة مش بتاعتك، فده اختبار من ربنا.. هل هتردها ولا لأ؟ ولو خفت ربنا، هتعمل الصح وترد الأمانة لصاحبها".
دعوة للمجتمع
في ختام حديثه، وجه أمين الفتوى نداءً للمواطنين بضرورة إحياء ضمير الأمانة في النفوس، وأن يكون رد المفقودات سلوكًا أصيلًا في المجتمع، لا استثناءً نادرًا، مؤكدًا أن الالتزام برد الأمانات يعكس رقي الأخلاق وصدق الإيمان.
وقال:"الناس دلوقتي بتعمل حاجات تغضب ربنا من غير ما تحس.. ليه نأخد حاجة مش بتاعتنا؟.. إرضاء ربنا أهم من أي مكسب وقتي أو وهمي".
وأضاف:"في زمن التكنولوجيا والتواصل، بقى سهل نرجع أي حاجة لأصحابها، لكن القلوب هي اللي محتاجة مراجعة.. لازم نسأل نفسنا: هل إحنا بنراعي ربنا في أفعالنا؟".

الأمانة قيمة لا تسقط
واختتم أمين الفتوى حديثه بالتأكيد على أن رد الأمانات مسؤولية شرعية وأخلاقية، لا تسقط بالتقادم أو الغفلة، مطالبًا الجميع أن يكونوا قدوة في الالتزام بمبادئ الدين، لا سيّما في الأمور التي تتعلق بحقوق الآخرين، قائلًا:"لو كل واحد راعى ربنا في الأمانة، مجتمعنا هيتغير للأفضل.. ودي مش حاجة صعبة، بس محتاجة قلب صاحي وضمير حي".