خبراء سودانيون: تعنت الدعم السريع يعرقل المفاوضات ومصر لها فضل إعادة الإعمار

الاحتياجات وإعادة الإعمال، ولمصر دور كبير جدًا لإعادة الإعمار بجانب السعودية، وتركيا ودول أخرى شقيقة للسودان، مضيفًا: "لا أتوقع أن تكون هناك مفاوضات قريبًا لتعنت ميليشيات الدعم السريع، وستحاول أن تجد لها موطئ قدم، وأن تحصل على سقف تفاوضي باحتلال بعض المناطق في غرب السودان حتى تستطيع التفاوض".
أشاد خبراء سودانيون بمساندة مصر خلال أزمة السودان، ودورها في إعادة الإعمار خلال الفترة المقبلة، وتمنوا أن تنتهي الحرب في بلادهم بعد دخولها العام الثالث.
الوضع في السودان بعد دخول الحرب العام الثالث
ولفت الخبير السوداني اللواء أمين إسماعيل مجذوب، خبير إدارة الأزمات والتفاوض بمركز البحوث الاستراتيجية، خلال تصريحاته لـ"نيوز رووم"، إلى أن الموقف لازال متأزمًا في السودان بعد دخول الحرب في عامها الثالث، حيث تُعاني في الخدمات الإنسانية وكذلك في الخدمات الضرورية للبقاء مثل الكهرباء والمياه والأسواق.
وكشف "مجذوب" ما تم إنجازه، وقال: "تم تحرير العديد من الولايات بواسطة الجيش السوداني والعاصمة الخرطوم ومجمع الوزارات والقصر الرئاسي، والإذاعة والتلفزيون، وبالتالي خرجت وهربت ميليشيات الدعم السريع من هذه الولايات، وولاية الجزيرة وولاية سنار واتجهت غربًا، وهذا أدى إلى بعض التجاوزات والانتهاكات في مناطق عديدة وغرب أم درمان ومنطقة الصالحة جنوب أم درمان".
وأشار إلى أن هناك ظواهر عديدة ظهرت مثل استخدام المسيرات من قبل ميليشيات الدعم السريع باستهداف المواطنين في الأحياء الغربية والجنوبية من أم درمان والولاية الشمالية ومدينة عطبرة، لاستهداف توليد الكهرباء ومحطات المياه وتجمعات المواطنين، مؤكدًا أن هذا سلاح خطير جدًا ويُستخدم لإثارة المواطنين ضد الدولة، والهدف منه إعطاء انطباع أن الأمن غير مستتب، وكذلك الانتقام من الهزيمة المرة التي تجرعتها ميليشيات الدعم السريع من الجيش السوداني.
وأضاف الخبير السوداني: "المستقبل المنظور قريبًا أن تتجه العمليات إلى دارفور وكورتوفان، الآن هناك قوات تتقدم في هذه المناطق وربما يتم فك الحصار عن الفاشر وتحرير مناطق أخرى، وبالتالي يتوقع أن تستمر الحرب في العام الثالث مع تأمين المناطق التي يدخل فيها الجيش ويتم تقديم خدمات للمواطنين فيها، وأتوقع أن يعمل المطار الرئيسي مطار الخرطوم، بجانب بعض المطارات الولائية التي تعمل الآن بصورة طيبة".
وأوضح أن السودان حاليًا في مرحلة انحسار الأزمة، حيث إن الأزمة تمر بـ5 مراحل بداية الأزمة، تصاعد الأزمة، قمة الأزمة، انحسار الأزمة ونهاية الأزمة، السودان حاليًا في المرحلة الرابعة، متوقعًا أن يكون فيها بعض الارتدادات الأمنية، تتمثل في وجود العصابات المسلحة استمرار النهب من المواطنين، ووجود المتعاونين مشكلة كبيرة جدًا، وعمليات الانتقام التي تتم بين المدنيين، الذين عادوا إلى مناطقهم والمتعاونون، وأخيرًا جمع السلاح.
وتابع اللواء أمين إسماعيل مجذوب: "هناك أيضًا توقعات بأن تستخدم ميليشيات الدعم السريع تفجير السيارات مثلما استخدمت الأقلام والألعاب لتفجير المنازل والأطفال، وهذا كان أمر مؤسف جدًا، الآن في خسائر كبيرة جدًا من الأطفال نتيجه لوجود بعض الاقلام ويتم استخدامه أو الضغط عليها وتنفجر في هؤلاء الأطفال".
وشدد الخبير الاستراتيجي، على أن السودان يبذل مجهودات سياسية في تحالفات مع الدول الغنية المؤثرة من أجل توفير الاحتياجات وإعادة الإعمال، ولمصر دور كبير جدًا لإعادة الإعمار بجانب السعودية، وتركيا ودول أخرى شقيقة للسودان، مضيفًا: "لا أتوقع أن تكون هناك مفاوضات قريبًا لتعنت ميليشيات الدعم السريع، وستحاول أن تجد لها موطئ قدم، وأن تحصل على سقف تفاوضي باحتلال بعض المناطق في غرب السودان حتى تستطيع التفاوض".
السودان انحدرت إلى هاوية وسط صمت دولي
وفي السياق ذاته، علق العميد الركن الدكتور جمال الشهيد، الخبير العسكري والاستراتيجي بالسودان، على الوضع خلال تصريحاته لـ"نيوز رووم"، قائلًا: "دخلت الحرب السودانية عامها الثالث، ولا تزال نيرانها تشتعل في الجسد الوطني المنهك، آكلةً الأخضر واليابس، ومحوّلةً وطنًا غنيًا بتاريخه وموارده إلى مسرحٍ للخراب والتشريد والمآسي التي تتجدّد كل يوم".
وأضاف: "حينما أشعلت مليشيا الدعم السريع المتمردة الحرب علي الدولة السودانية وشعبها الكريم في أبريل 2023، لم يكن أحد يتخيل أن هذا الصراع سيستمر كل هذا الوقت دون بارقة أمل حقيقية، كان المشهد في البداية أشبه بانفجار مؤقت، سرعان ما يتحول إلى تسوية سياسية، لكن الواقع كذّب كل التوقعات، فانحدرت البلاد إلى هاوية عميقة، وسط صمت دولي، وتراخٍ إقليمي، وتواطؤ داخلي في أحيان كثيرة".
وأشار الخبير العسكري، إلى أن وجه السودان تغير الآن بعد مرور عاملين كاملين على الحرب، حيث تفككت المؤسسات، وتشتت الشعب بين لاجئ ونازح، وأصبح الخراب هو العنوان الأبرز لمدنٍ كانت تزخر بالحياة، الاقتصاد انهار، والتعليم غاب، والصحة تنزف، فيما يتواصل النزاع بلا أفق واضح للحسم أو الحل.
ولفت "الشهيد"، إلى أنه وسط هذه الأحداث، برزت ملاحم عظيمة من الفداء والصمود، قادها الجيش السوداني، مدعومًا بعناصر الشرطة، وجهاز الأمن والمخابرات العامة، والمستنفرين من أبناء الوطن الشرفاء، إضافةً إلى المقاومة الشعبية المسلحة، التي شكّلت سندًا حقيقيًا في الدفاع عن الأرض والعرض، مضيفًا: "هؤلاء هم من وقفوا سداً منيعاً أمام التمدد والانهيار، يدفعون الدم والروح في معركة الكرامة الوطنية، مؤمنين بأن السودان لا يُحكم من فوهة بندقية مرتزقة".
وأشاد الخبير الاستراتيجي، بالدور الذي لعبه السودانيين في الخارج، وأكد أن ما فعلوه له تأثير لا يُستهان به، بعدما وقفوا دعمًا بالكلمة، والمال، والمبادرات الإنسانية، مشددًا على أنهم كانوا سفراء للوطنية في أقسى ظروف الشتات".
وأثنى الدكتور جمال الشهيد، بالدور المركزي الذي قامت به نساء السودان في دعم الجبهات عبر التكايا، ورعاية الأسر، وحملات الإسناد المعنوي والمجتمعي، وكذلك رجال الأعمال والمال الوطنيين، الذين فتحوا خزائنهم عن طيب نفس، ليكونوا شركاء في ما يحدث ولم يكتفوا بدور المتفرج.
وأكد الخبير العسكري، أن هناك العديد من الدول الصديقة التي أثبتت بعض المواقف أصالتها وصدق نواياها، وفي مقدمتهم مصر، مضيفًا: "مصر ظلت السند والظهر، تحتضن أبناء السودان بلا منٍّ ولا أذى، وتفتح حدودها ومؤسساتها وقلبها كما عهدناها دومًا".
وعلى الرغم من دخول الحرب في السودان عامها الثالث، إلا أن "الشهيد"، يؤكد أن الأمل لا يُطفأ، وأضاف: "الشعوب التي تصمد عامين تحت الحرب، وتحتفظ بكرامتها وكرامة شهدائها، هي شعوب لا تموت، في كل بيتٍ سوداني، هناك شهيد أو نازح أو جريح، لكن هناك أيضًا قصة صمود، ورغبة في الخلاص، وإرادة للبناء من تحت الرماد".
وطالب الخبير الاستراتيجي، الجميع بالتكاتف وتجاوز الخلافات أكثر من أي وقت مضى، والبحث عن مشروع وطني حقيقي، يعيد لهذا الوطن هيبته ومكانته، ويكرّم دماء الذين رحلوا فداءً له، مضيفًا: "أدعو كل وطني صادق، في الداخل والخارج، للانحياز لوطنه، لا لطرفٍ أو فئة، فالسودان لا يحتمل مزيدًا من الانقسام، ولا من الدمار، حان وقت التلاقي، قبل أن يُصبح ما تبقى من الوطن مجرد ذاكره".
الجيش السوداني يستطيع القضاء على "الدعم السريع"
ومن جانبه، قال اللواء أسامة محمد أحمد، المدير السابق لمركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في القوات المسحلة السودانية، إن الحرب في السودان دخلت عاملها الثالث، ولكن وتيرة الأحداث في الحرب وتطوراتها بجميع المقاييس تسير لصالح الجيش السوداني بعد الانتصارات التي يحققها منذ سبتمبر 2024 وحتى الآن، وأضاف: "ميليشيات قوات الدعم تراجعت وخلال الستة أشهر الأخيرة الجيش متقدم وتمكن من فرض سيطرته في وسط السودان وعلى ولايات سنار والجزيرة والخرطوم، واتجه إلى شمال كوردوفان، وهناك تحركات مستمرة".
ولفت الخبير العسكري، خلال تصريحاته الخاصة لـ"نيوز رووم"، إلى أنه يعتقد أن مسيرة الحرب في السودان هذا العام لن تطول كثيرًا ولن تزيد معاناة السودانيين أكثر مما كانت، خاصة أن الجيش السوداني قادر في فترة زمنية أقصر بكثير مما مرت على الحرب أن يقضي على المتبقي من ميليشيات الدعم السريع ويحاصرها في مناطق إقليم دارفور، ويعيد إلى أرض الوطن الولايات الأربع التي سيطر عليها الميليشيات.
وواصل: "بوصول الجيش إلى هذه الولايات لن ينتهي الأمر، لأن الراعي الإقليمي لهذه الميليشيات لم ييأس بعد من السيطرة على السودان وموارده ويحقق أجندته، سيحاول أكثر من مرة لأن ينفذ ويهد الاستقرار الأمني في محاولة لتحقيق أجنداته سواء عبر السياسيين السودانيين الموالين لهذه الميليشيات أو عبر الشخصيات الأخرى التي يروج لها مثل رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك، أو تحالف تأسيس البأس الذي ولد في نيروبي مؤخرًا، وكلها محاولات إن شاء الله تنتهي قريبًا، والشعب السوداني متوحد خلف الجيش السوداني".
وأشار المدير السابق لمركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في القوات المسحلة السودانية، إلى أنه ليس هناك أي شخص يقتنع بالميليشيات وإمكانية أن تحقق سلامًا أو تنمية أو أي طموحات سياسية، فقط هي بندقية لصالح السلب القتل والنهب وندمر البنية التحتية، وفترة الحرب أكدت أن "الدعم السريع" ليس لها في أي أمور وعقيدتها القتالية والنهب والاغتصاب.
واختتم الخبير العسكري، تصريحاته الخاصة قائلًا: "متفائلون بالأيام المقبلة أن نسمع أخبار طيبة من فك حصار الفاشر وتطهير كلي لولاية كوردوفان من زحف الجيش والقوات المشتركة نحو جميع المناطق".