خبير عسكري سوداني: ستظل مصر السند والحاضنة لشعبنا من ويلات الحرب | خاص

طالب العميد الركن الدكتور جمال الشهيد، الخبير العسكري والاستراتيجي بالسودان، الجميع بالتكاتف وتجاوز الخلافات لأن السودان لم تعد تحتمل مزيد من الانقسامات، مشيدًا في الوقت ذاته بالدور المصري خلال فترة الحرب.
السودان انحدرت إلى هاوية وسط صمت دولي
وتحدث الدكتور جمال الشهيد، على الوضع في السودان خلال تصريحاته لـ"نيوز رووم"، قائلًا: "دخلت الحرب السودانية عامها الثالث، ولا تزال نيرانها تشتعل في الجسد الوطني المنهك، آكلةً الأخضر واليابس، ومحوّلةً وطنًا غنيًا بتاريخه وموارده إلى مسرحٍ للخراب والتشريد والمآسي التي تتجدّد كل يوم".
وأضاف: "حينما أشعلت مليشيا الدعم السريع المتمردة الحرب علي الدولة السودانية وشعبها الكريم في أبريل 2023، لم يكن أحد يتخيل أن هذا الصراع سيستمر كل هذا الوقت دون بارقة أمل حقيقية، كان المشهد في البداية أشبه بانفجار مؤقت، سرعان ما يتحول إلى تسوية سياسية، لكن الواقع كذّب كل التوقعات، فانحدرت البلاد إلى هاوية عميقة، وسط صمت دولي، وتراخٍ إقليمي، وتواطؤ داخلي في أحيان كثيرة".
وأشار الخبير العسكري، إلى أن وجه السودان تغير الآن بعد مرور عاملين كاملين على الحرب، حيث تفككت المؤسسات، وتشتت الشعب بين لاجئ ونازح، وأصبح الخراب هو العنوان الأبرز لمدنٍ كانت تزخر بالحياة، الاقتصاد انهار، والتعليم غاب، والصحة تنزف، فيما يتواصل النزاع بلا أفق واضح للحسم أو الحل.

صمود الجيش السوداني والشرطة والدعم المصري
ولفت "الشهيد"، إلى أنه وسط هذه الأحداث، برزت ملاحم عظيمة من الفداء والصمود، قادها الجيش السوداني، مدعومًا بعناصر الشرطة، وجهاز الأمن والمخابرات العامة، والمستنفرين من أبناء الوطن الشرفاء، إضافةً إلى المقاومة الشعبية المسلحة، التي شكّلت سندًا حقيقيًا في الدفاع عن الأرض والعرض، مضيفًا: "هؤلاء هم من وقفوا سداً منيعاً أمام التمدد والانهيار، يدفعون الدم والروح في معركة الكرامة الوطنية، مؤمنين بأن السودان لا يُحكم من فوهة بندقية مرتزقة".
وأشاد الخبير الاستراتيجي، بالدور الذي لعبه السودانيين في الخارج، وأكد أن ما فعلوه له تأثير لا يُستهان به، بعدما وقفوا دعمًا بالكلمة، والمال، والمبادرات الإنسانية، مشددًا على أنهم كانوا سفراء للوطنية في أقسى ظروف الشتات.
وأثنى الدكتور جمال الشهيد، بالدور المركزي الذي قامت به نساء السودان في دعم الجبهات عبر التكايا، ورعاية الأسر، وحملات الإسناد المعنوي والمجتمعي، وكذلك رجال الأعمال والمال الوطنيين، الذين فتحوا خزائنهم عن طيب نفس، ليكونوا شركاء في ما يحدث ولم يكتفوا بدور المتفرج.

وأكد الخبير العسكري، أن هناك العديد من الدول الصديقة التي أثبتت بعض المواقف أصالتها وصدق نواياها، وفي مقدمتهم مصر، مضيفًا: "مصر ظلت السند والظهر، تحتضن أبناء السودان بلا منٍّ ولا أذى، وتفتح حدودها ومؤسساتها وقلبها كما عهدناها دومًا".
وعلى الرغم من دخول الحرب في السودان عامها الثالث، إلا أن "الشهيد"، يؤكد أن الأمل لا يُطفأ، وأضاف: "الشعوب التي تصمد عامين تحت الحرب، وتحتفظ بكرامتها وكرامة شهدائها، هي شعوب لا تموت، في كل بيتٍ سوداني، هناك شهيد أو نازح أو جريح، لكن هناك أيضًا قصة صمود، ورغبة في الخلاص، وإرادة للبناء من تحت الرماد".
وطالب الخبير الاستراتيجي، الجميع بالتكاتف وتجاوز الخلافات أكثر من أي وقت مضى، والبحث عن مشروع وطني حقيقي، يعيد لهذا الوطن هيبته ومكانته، ويكرّم دماء الذين رحلوا فداءً له، مضيفًا: "أدعو كل وطني صادق، في الداخل والخارج، للانحياز لوطنه، لا لطرفٍ أو فئة، فالسودان لا يحتمل مزيدًا من الانقسام، ولا من الدمار، حان وقت التلاقي، قبل أن يُصبح ما تبقى من الوطن مجرد ذاكره".
