خبراء يحذرون : مخاطر محتملة حال عدم إدارة القرار بحذر
خبراء: يعلقون على قرار البنك المركزي المصري بخفض الفائدة 2.25%: خطوة جريئة

أثار قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة بمقدار 2.25% جدلاً واسعًا في الأوساط الاقتصادية والمصرفية، لا سيما أنه يأتي بعد سلسلة من الزيادات التي شهدها عام 2024، وبينما اعتبره البعض خطوة جريئة نحو دعم الاقتصاد المحلي وتحفيز الاستثمار، حذر آخرون من تداعياته في حال عدم وجود رؤية اقتصادية شاملة تضمن الاستفادة من آثاره الإيجابية وتجنب مخاطره.
في هذا التقرير، نستعرض آراء عدد من الخبراء الاقتصاديين والمصرفيين حول خلفيات القرار وأبعاده المتوقعة، والاشتراطات الضرورية لنجاحه، بالإضافة إلى أهم التحديات التي قد يواجهها الاقتصاد المصري في ظل الظروف العالمية الراهنة.
قال الدكتورعلي عبد الرؤوف الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إن قرار البنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة بمقدار 2.25% يُعد خطوة جريئة، خاصة بعد رفعها بمعدل 8% خلال عام 2024.
شرطان لضمان نجاح قرار خفض الفائدة
أكد الإدريسي لـ"نيوز رووم"، أن نجاح هذه الخطوة يعتمد على شرطين أساسيين، أولهما استمرار تباطؤ معدل التضخم خلال الأشهر المقبلة، وثانيهما التأكد من وجود تدفقات دولارية قوية ومستدامة، سواء من خلال الاستثمارات المباشرة أو غير المباشرة، إضافة إلى تحويلات العاملين في الخارج والصادرات.
إيجابيات خفض الفائدة على الاقتصاد المصري
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن قرار خفض الفائدة يحمل عدة مميزات أبرزها تشجيع المستثمرين على توجيه رؤوس أموالهم نحو قطاعات الإنتاج بدلاً من أدوات الدين، كما يُسهم في تخفيف الأعباء عن الموازنة العامة للدولة من خلال تقليل تكلفة خدمة الدين، إلى جانب تنشيط سوقي العقارات والصناعة.
مخاطر محتملة حال عدم إدارة القرار بحذر
وحذر الإدريسي من المخاطر المحتملة حال تنفيذ القرار دون دراسة دقيقة، أبرزها إمكانية عودة الضغوط على الجنيه المصري، إضافة إلى انخفاض جاذبية أدوات الدين المحلية أمام المستثمرين الأجانب على المدى القصير.
ومن جهته، قال الدكتور زكريا صلاح الجندي، الخبير المصرفي، إن المحللين توقعوا أن يتجه البنك المركزي المصري إلى خفض سعر العائد خلال الاجتماع ، خاصة بعد قرار التثبيت الذي اتُخذ في الاجتماع الأول خلال بداية العام الجاري.
تداعيات التوترات العالمية تلقي بظلالها على القرار
أوضح "الجندي" في تصريحات خاصة لـ"نيوز رووم" أن الظروف الجيوسياسية ما زالت مستمرة، بل زادت تعقيدًا في ظل القرارات الجمركية التي اتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تسببت في توترات اقتصادية وتجارية على المستوى العالمي، مشيرًا إلى أنها أدت إلى خسائر في البورصات وخروج جزء من الاستثمارات الأجنبية من السوق المصري.
خفض سعر العائد يظل الخيار الأنسب رغم المخاطر
أكد الخبير المصرفي أنه على الرغم من الأزمات الخارجية والتقلبات التي تشهدها الأسواق، فإن التوجه نحو خفض سعر العائد ، حتى ولو بشكل تدريجي أو طفيف أصبح من الضروري مشيراً إلى أن هذا يُعد الخيار الأفضل لدعم النمو الاقتصادي وتنشيط السوق المحلي.
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي هاني توفيق إن الركود التضخمي يضرب معظم القطاعات الصناعية في مصر، مشيرًا إلى أن الصناعات المختلفة من الأجهزة الكهربائية إلى السيارات والعقارات تعاني من التباطؤ الحاد في الطلب وتراجع معدلات النمو، وهو ما يهدد بمزيد من التراجع في النشاط الاقتصادي المحلي.
دعوة عاجلة لخفض سعر الفائدة بنسبة 2%
وأشار "توفيق" في منشور له عبر صفحة التواصل الاجتماعي " فيس بوك" إلى أن خفض سعر الفائدة بما لا يقل عن 2% بات ضرورة قومية في الوقت الحالي، موضحًا أن هذا القرار يجب أن يُتخذ على وجه السرعة لتحفيز النشاط الاستثماري، وتخفيف العبء على الشركات والمستهلكين.
الحاجة إلى حزم مالية وتجارية مرافقة
ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن مجرد خفض الفائدة لا يكفي وحده، بل يجب أن يتزامن مع تنفيذ سياسات مالية وتجارية واضحة لجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وتشجيع رواد الأعمال، بالإضافة إلى توفير تسهيلات تساهم في دفع عجلة الاقتصاد.
توطين الصناعات وتعزيز الصادرات كحل استراتيجي
كما شدد الدكتور هاني توفيق على أهمية توطين الصناعات ذات الميزة التنافسية في مصر، موضحًا أن ذلك من شأنه المساهمة في زيادة معدلات التشغيل، وفتح آفاق جديدة للصادرات، وتقليل الاعتماد على الواردات، مما يعزز من استقرار الاقتصاد المصري على المدى الطويل.
وأشاد الخبير الاقتصادي، بقرار البنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة، واصفًا إياه بـ"القرار الصعب" الذي يصب في مصلحة تنشيط الاستثمار وتحريك عجلة الاقتصاد، في ظل التحديات المالية التي تمر بها البلاد.
دور الحكومة في استكمال منظومة الإصلاح الاقتصادي
وأوضح "توفيق" أن تفعيل الأثر الإيجابي لهذا القرار يقع على عاتق الحكومة، من خلال استكمال السياسات المالية والتجارية المواكبة لهذا التوجه النقدي، وذلك بهدف الحد من التضخم ومواجهة حالة الركود التي يعاني منها السوق المحلي.
ضرورة تحفيز الإنتاج والصادرات مع الحفاظ على العدالة الاجتماعية
وشدد الخبير الاقتصادي على أهمية اتخاذ خطوات متوازية لتحفيز عمليات الإنتاج وزيادة التصدير وخلق فرص عمل جديدة، مع التأكيد على عدم إغفال أهمية استمرار دعم الفئات ذات الدخول الثابتة والمحدودة، لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية والحفاظ على الاستقرار المجتمعي.
قرار لجنة السياسة النقديـة للبنك المركــزي المصـري
الجدير بالذكر، أن لجنة السياسة النقديـة للبنك المركــزي المصـري قررت في اجتماعهـا يــوم الخميس الموافـــق 17 إبريل 2025 خفض سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 225 نقطة أساس إلى 25.00% و26.00% و25.50%، على الترتيب، كما قررت خفض سعر الائتمان والخصم بواقع 225 نقطة أساس ليصل إلى 25.50%.
آفاق النمو الاقتصادي والتضخم
عالميا، أدى عدم اليقين بشأن آفاق النمو الاقتصادي والتضخم إلى تبني البنوك المركزية في بعض اقتصادات الأسواق المتقدمة والناشئة نهج حذر إزاء المسار المستقبلي للسياسة النقدية، وبينما يظل النمو الاقتصادي مستقرًا إلى حد كبير، من المتوقع أن تؤدي التطورات الأخيرة في التجارة العالمية إلى خفض التوقعات بسبب المخاوف من اضطراب سلاسل التوريد وضعف الطلب العالمي، وعلى وجه الخصوص، انخفضت أسعار النفط بشكل ملحوظ نتيجة عوامل مرتبطة بجانب العرض وتوقعات بتراجع الطلب العالمي في ظل استمرار حالة عدم اليقين بشأن السياسات التجارية.