بعد تعثر المحادثات.. هل تلجأ أمريكا لشن هجوم على إيران بسبب أزمة النووي؟

منذ سنوات، يشكل البرنامج النووي الإيراني نقطة خلاف حادة بين الولايات المتحدة وإيران. وعلى الرغم من توقيع اتفاقية "خطة العمل الشاملة المشتركة" الاتفاق النووي الإيراني عام 2015، فإن التوترات تجددت بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018 في عهد الرئيس دونالد ترامب.
الأنشطة النووية الإيرانية
ومع تصاعد الأنشطة النووية الإيرانية، تبادل الطرفان التهديدات، حيث ألمح ترامب في أكثر من مناسبة إلى إمكانية شن هجوم عسكري على إيران إذا استمرت في تطوير قدراتها النووية، حيث أضافت تلك التصريحات مزيدًا من الغموض والقلق حول مستقبل العلاقات بين البلدين، ويبقى السؤال الأهم هل ستقدم الولايات المتحدة على شن هجوم عسكري ضد إيران؟.
يرى الدكتور طارق زياد وهبي، الباحث في العلاقات الدولية، أن الخيار العسكري ضد إيران مطروح بالفعل، لا سيما عبر تنسيق محتمل بين إسرائيل والولايات المتحدة، لكنه يستبعد أن يحل هذا السيناريو معظم الهواجس الأمريكية تجاه طهران.
وأوضح وهبي في تصريحات لـ "نيوز رووم"، أن جوهر الأزمة يكمن في رفض إيران التخلي عن مشروعها النووي، إضافة إلى استمرار تدخلها في شؤون المنطقة العربية، وهو ما يشكل عقبة كبرى أمام أي اتفاق.
شن هجوم عسكري ضد إيران
وأشار الباحث في العلاقات الدولية، إلى أن الحرب قد تكون الحل الأخير على طاولة الإدارة الأمريكية، ولكنها تفتح الباب على مصراعيه أمام تساؤلات معقدة، من البديل المحتمل للنظام الإيراني؟ وهل هناك سلطة بديلة قادرة على إدارة البلاد في حال انهيار النظام الحالي؟.
وأضاف الباحث أن أي تصعيد عسكري واسع قد يؤدي إلى انقسام داخلي خطير داخل إيران، ما يثير احتمال تفكك الدولة بين مكوناتها القومية مثل العرب في الأحواز، والأكراد، والبلوش، والفرس وغيرهم.
وتساءل الباحث، هل ستكتفي واشنطن بضرب المنشآت النووية والعسكرية مع تطويق المنشآت النفطية دون تدميرها للاستفادة منها لاحقاً؟ أم أن الأمر سيتجاوز ذلك إلى محاولة إضعاف كامل لقدرات إيران؟.
وأكد وهبي أن تدمير القدرة العسكرية لا يعني بالضرورة نهاية النفوذ الإيراني، حيث لا تزال طهران تملك أذرعاً إقليمية فاعلة تشكل تهديدًا مستمرًا، حتى وإن ضعفت بفعل الضربات.
واختتم قائلاً إن أي اتفاق محتمل سيُنظر إليه في طهران كإذلال، خاصة في ظل استمرار الخطاب الإيراني الرافض للهيمنة الأمريكية الذي يُعرف بـ"محاربة الشيطان الأكبر".
من جانبها قالت المحللة السياسية إيرينا تسوكرمان، المحامية في الأمن القومي الأمريكي، إن مرحلة ما بعد المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران تشبه الجزء الضعيف من فيلم سيئ، مليء بالتهديدات المتكررة والبطل المتردد، مع خصم يرفض الابتعاد عن الشاشة.
وأضافت في تصريحات لـ "نيوز رووم"، أنه مع تجميد المفاوضات بشكل نهائي، عاد الحديث مجددًا في واشنطن، هل ستقوم الولايات المتحدة بشن هجوم على إيران لوقف طموحاتها النووية؟ الجواب من المحتمل لا، على الأقل ليس بالطريقة التقليدية.
وأشارت أن إيران تمكنت من جعل برنامجها النووي أكثر غموضًا، مما جعل خطوطها الحمراء تتراجع مرارًا، ما يثبت أن الردع في العصر الحالي أكثر مرونة من المصداقية.
وتابعت لكن رغم ذلك، واشنطن ليست متحمسة لخوض حرب شاملة جديدة، حيث أن لديها الكثير من الملفات المفتوحة على الساحة الدولية، من أوكرانيا إلى تايوان، فضلًا عن الأزمات الداخلية. وأكملت أن أي نزاع جديد في الشرق الأوسط قد يتسبب في استنزاف موارد الولايات المتحدة ويشعل حرائق إقليمية قد يكون من الصعب السيطرة عليها، قائلة أن هذا لا يعني أن أمريكا ستظل صامتة.
وأوضحت أن الرئيس بايدن قد أعلن بالفعل أن هناك عواقب للتهديد النووي الإيراني، لكن بدلاً من ضربات عسكرية مباشرة، يتوقع أن تكون الاستجابة أكثر سرية وقوة، مثل الهجمات السيبرانية، استهداف البنية التحتية التابعة لإيران وحلفائها، فضلًا عن الحروب النفسية.