شروط وأحكام المسح على الجوارب في الوضوء

أجاب مركز الأزهر العالمي للفتوى على مسألة حكم جواز المسح علي الجوارب بدلًا من غسل القدمين في بعض الحالات عند الوضوء، خاصة عندما يكون من الصعب نزعها.
وقال يعد الوضوء من الفرائض الأساسية التي لا تصح الصلاة بدونها، كما ورد في قوله تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ" (المائدة: 6).
رأي الأزهر في المسح على الجوارب
أكد الأزهر أن المسح على الجوارب رخصة شرعية ثبتت بالسنة النبوية وعمل الصحابة، وهو جائز عند جمهور العلماء بشرط تحقق بعض الضوابط، وهي:
لبسهما على طهارة، حيث يجب أن يكون المسلم متوضئًا عند ارتداء الجوارب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للمغيرة بن شعبة:" دعهما، فإني أدخلتهما طاهرتين".
كما يشترط أن يغطي الجورب منطقة الفرض، وهي القدم إلى الكعبين، ويجب أن يكون الجورب طاهر ولا يجوز المسح على جوارب نجسة، كما يجب أن يكون الجورب محكمًا ولا يسقط بسهولة.
مدة المسح على الجوارب المسموح بها
قال الأزهر تختلف مدة المسح على الجوارب بحسب حالة الشخص وهي كالتالي " يجوز المسح للمقيم لمدة يوم وليلة (24 ساعة).
كما يجوز المسح للمسافر لمدة ثلاثة أيام بلياليها (72 ساعة)، كما ورد في حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه، حيث قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفرًا ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام بلياليهن، إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم".
كيفية المسح على الجوارب
أوضح الأزهر كيفية المسح على الجوارب وقال يُبلل المسلم يده بالماء ويمسح بباطن أصابعه على ظاهر الجورب (أعلى القدم) مرة واحدة لكل قدم، موضحا أنه لا يُشترط مسح باطن الجورب أو الكعبين.
حالات يبطل فيها المسح على الجوارب
أشار الأزهر إلى أن هناك بعض الحالات التي يُصبح فيها المسح على الجورب غير جائز، وهي:
ـ انتهاء مدة المسح، وهي بعد مرور 24 ساعة للمقيم، أو 72 ساعة للمسافر، ويجب خلع الجوارب وغسل القدمين عند الوضوء التالي.
ـ نزع الجورب بعد المسح عليه، ويكون إذا خُلع الجورب أو سقط عن القدم تمامًا، يبطل المسح، ولا بد من غسل القدمين عند الوضوء مجددًا.
ـ الحدث الأكبر (كالجنابة) أو حيض، أو نفاس، يبطل المسح، ويجب الغسل الكامل.
ـ تمزق الجورب بشكل كبير، إذا أصبح الجورب غير ساتر للقدم بسبب تمزق واسع، لا يجوز المسح عليه.
ـ إذا توضأ الشخص ومسح على الجورب ثم نزعه، لا يجوز إعادة لبسه والمسح عليه، بل يجب الوضوء بغسل القدمين.
فروض الوضوء وأدلتها الشرعية
أكد فتوى الأزهر أن الوضوء له ستة فروض أساسية لا يصح بدونه، وهي: النية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" (متفق عليه).
ـ غسل الوجه كما في قوله تعالى: "فاغسلوا وجوهكم" (المائدة: 6).
ـ غسل اليدين إلى المرفقين، لقوله تعالى: "وأيديكم إلى المرافق".
ـ مسح الرأس، كما ورد في قوله تعالى: "وامسحوا برءوسكم".
ـ غسل الرجلين إلى الكعبين: لقوله تعالى: "وأرجلكم إلى الكعبين".
ـ الترتيب ، وهو اتباع نفس الترتيب الوارد في الآية الكريمة.
سنن الوضوء وأهميتها
قال الأزهر إن هناك سنن مستحبة تزيد من أجر الوضوء وتُكمله، منها:
التسمية عند بدء الوضوء: لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه".
غسل الكفين ثلاثًا في بداية الوضوء.
المضمضة والاستنشاق: لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماءً ثم لينثر" (متفق عليه).
مسح الأذنين مع الرأس.
تخليل الأصابع لتعميم الماء.
الوضوء ثلاثًا في كل عضو كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
الدعاء بعد الوضوء، كما ورد في حديث مسلم: "من توضأ فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فُتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء".
الصلاة بعد الوضوء، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم لبلال: "يا بلال، حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة"، فقال بلال: "ما عملت عملاً أرجى عندي من أني لم أتطهر طهورًا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي" (رواه البخاري ومسلم).
حكم المسح على الجوارب في الوضوء
اختتمت الأزهر فتواه بأن حكم المسح على الجوارب في الوضوء رخصة شرعية أجازها جمهور العلماء عند تحقق الشروط، وهو تيسير من الله لعباده، خاصة في حالات الضرورة.
وشدد على الالتزام بالضوابط المحددة لحكم المسح على الجوارب في الوضوء، مثل ارتداء الجورب على طهارة، واستمراره في تغطية القدم، وعدم تجاوزه للمدة المحددة، وفي حالة انتقاض الطهارة الكبرى أو نزع الجورب، يُصبح المسح باطلًا، ويجب الوضوء بغسل القدمين.