حكم زيارة القبور يوم الجمعة.. ما بين العادة والعبادة

كثير من المسلمين يختارون يوم الجمعة لزيارة المقابر، لما لهذا اليوم من فضل عظيم وبركة خاصة في الوجدان الإسلامي. لكن هل لهذا التوقيت فضل شرعي محدد؟ وهل يترتب على زيارة القبور يوم الجمعة أجر مضاعف أو خصوصية روحية؟ هذه الأسئلة يتكرر طرحها، وقد أجابت عنها دار الإفتاء في ضوء ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية وآراء العلماء.
الزيارة في الإسلام.. تذكير بالموت ورحمة للمتوفى
زيارة المقابر سنة نبوية ثابتة، لما فيها من تذكير بالموت والدار الآخرة، وفيها أيضًا دعاء للمتوفين وطلب الرحمة والمغفرة لهم.
قال النبي ﷺ:
“كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، فإنها تذكركم الآخرة” (رواه مسلم).
وهذا الحديث يدل على أن الزيارة مشروعة في أي وقت دون تخصيص ليوم بعينه.
هل يوم الجمعة له فضل خاص في زيارة القبور؟
اختلف العلماء في تخصيص يوم الجمعة لزيارة المقابر:
• الرأي الأول: يرى أن الزيارة مستحبة في أي يوم، ولا دليل على تفضيل الجمعة تحديدًا، وبالتالي فإن تخصيصها يُعد عادة لا عبادة.
• الرأي الثاني: يرى أن لا مانع من زيارة القبور يوم الجمعة، مستأنسين بفضل هذا اليوم العظيم، وببعض الآثار التي رويت عن السلف، والتي تشير إلى أن الأموات قد يشعرون بزيارة أقاربهم في هذا اليوم.
لكن هذه الآثار ضعيفة ولم تثبت بشكل قاطع عن النبي ﷺ.
دار الإفتاء: الزيارة جائزة في أي وقت
أكدت دار الإفتاء أن زيارة القبور يوم الجمعة أمر جائز شرعًا، ولا حرج فيه مطلقًا، لكنها أوضحت أن التخصيص بيوم الجمعة ليس عبادة مستقلة ولا سنة مؤكدة.
وأضافت أن الزيارة سنة عامة، ومن اختار الجمعة للزيارة بسبب الفراغ أو تعود الناس، فلا إثم عليه، بشرط ألا يعتقد أن هذا التوقيت عبادة خاصة.
العبادة بالنوايا لا بالعادات
زيارة القبور يوم الجمعة جائزة ومستحبة، لكنها لا تختلف في حكمها عن سائر أيام الأسبوع.
الشرط الأساسي هو الإخلاص في النية، والدعاء للمتوفين، والتفكر في الموت والآخرة. أما توقيت الزيارة، فمتروك لظروف الشخص وتيسير وقته، دون أن يربطها بفضيلة شرعية لم تثبت بالنص الصريح