رسوم ترامب الجمركية.. حماية للأمن القومي أم تهديد لاقتصاد عالمي هش؟

يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يتخلّ عن سياسته التجارية المثيرة للجدل، إذ عاد ليشعل المخاوف من اندلاع حرب تجارية جديدة، بعد إعلان نيته فرض رسوم جمركية جديدة على واردات تكنولوجيا أشباه الموصلات، في خطوة قال إنها تهدف إلى حماية الأمن القومي الأمريكي.
تحقيقات جمركية
ووفقًا لتقرير بثته النشرة الاقتصادية عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، وتقدمه الإعلامية إنجي عهدي، فإن ترامب يعتزم إصدار تعليمات لوزارة التجارة الأمريكية بفتح تحقيق رسمي استنادًا إلى المادة 232 من قانون توسيع التجارة لعام 1962، هذه المادة تمنح الرئيس صلاحية فرض قيود جمركية على الواردات إذا ثبت أنها تُهدد الأمن القومي للبلاد.
وتُعد هذه الخطوة استكمالًا لسلسلة من السياسات الحمائية التي اتبعها ترامب خلال فترته الرئاسية، وتستهدف هذه المرة أحد أكثر القطاعات حساسية واستراتيجية في الاقتصاد العالمي: صناعة الرقائق الدقيقة.
تعزيز التصنيع المحلي
يطمح ترامب من خلال هذه الخطوة إلى تقليص الاعتماد على واردات الرقائق الإلكترونية من دول مثل تايوان، كوريا الجنوبية، والصين، لصالح بناء قاعدة صناعية أمريكية قوية في هذا المجال، وتأتي هذه الخطوة في سياق واسع يهدف إلى استعادة "صنع في أمريكا"، لا سيما في الصناعات التي تمس الأمن القومي والابتكار التكنولوجي.
ورغم الطابع "الحمائي" لهذه السياسة، إلا أنها تتماشى مع توجه عالمي نحو إعادة تموضع سلاسل التوريد بعد جائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، والتوترات الجيوسياسية المتزايدة في شرق آسيا.
ارتفاع وتعطيل الابتكار
على الجانب الآخر، يحذر مراقبون من أن هذه الخطوة قد تحمل عواقب اقتصادية وخيمة، حيث ستؤدي إلى ارتفاع كبير في تكاليف الإنتاج بالنسبة للشركات الأمريكية المعتمدة على الاستيراد، خاصة في القطاعات المتقدمة مثل صناعة السيارات، الذكاء الاصطناعي، والاتصالات.
كما أن ابتكار الشركات الأمريكية قد يتعرض لضربة قوية، في ظل اعتمادها على رقائق متطورة لا تُنتج محليًا حتى الآن، وفي بيئة تنافسية عالمية شرسة، قد تفقد هذه الشركات مزاياها التنافسية لصالح منافسين آسيويين وأوروبيين.
شركاء تجاريين كبار
لا تقف المخاوف عند الجانب الاقتصادي الداخلي فحسب، بل إن هذه الخطوة قد تُشعل توترات دبلوماسية وتجارية جديدة مع شركاء رئيسيين مثل تايوان، كوريا الجنوبية، والصين، وقد لا تتردد هذه الدول في اتخاذ إجراءات انتقامية، ما يهدد بخلق دوامة من القيود والعقوبات المتبادلة.
وتُعد تايوان - على وجه الخصوص - شريكًا حيويًا في سلسلة توريد الرقائق الإلكترونية، إذ تستحوذ على حصة ضخمة من الإنتاج العالمي، خاصة عبر شركة "TSMC"، الأكبر عالميًا في هذا القطاع.

الصراع الاقتصادي الدولي
لا شك أن صناعة أشباه الموصلات باتت تمثل ساحة استراتيجية للصراع الاقتصادي العالمي، إذ تُعد أساسًا لكل التطورات التقنية الحديثة، ومن هنا، يسعى ترامب إلى إعادة رسم خريطة النفوذ في هذا القطاع، عبر خطوات تُعيد الهيمنة الأمريكية إلى الواجهة.