كييف ترفض التنازلات
خبير أوكراني: من يقاتلون إلى جانب روسيا شركاء في العدوان / خاص

تحظى الحرب الروسية الشاملة ضد أوكرانيا باهتمام عالمي بالغ، وسط تطلعات متزايدة لتحقيق السلام بعد أكثر من ثلاث سنوات من القتال المتواصل، ما يرفع من سقف التوقعات بشأن إمكانية التوصل إلى مفاوضات تنهي هذا النزاع.
وفي تصريحات خاصة لموقع "نيوز رووم"، يشير الدكتور "إيفان أوس"، المستشار بالمعهد الوطني الأوكراني، تحدث فيها عن آفاق المفاوضات الجارية، أشار إلى أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول قرب إنهاء الحرب لم تجد طريقها للتنفيذ حتى الآن.
وقال: "خلال فترة الهدنة التي أُعلنت منتصف مارس الماضي لمدة 30 يوماً، شنت القوات الروسية سلسلة من الهجمات العنيفة على مدن أوكرانية كبرى. من أبرزها الضربة الصاروخية التي استهدفت ملعباً للأطفال في مدينة كريفي ريه، وأودت بحياة 20 شخصاً بينهم 9 أطفال. أعقب ذلك هجوم مزدوج بالصواريخ على مدينة سومي، أسفر عن مقتل 35 شخصاً، ووقع الهجوم الأخير في أحد الأعياد الدينية "أحد السعف" الذي يسبق عيد الفصح، وهو التاريخ الذي خطط ترامب لإتمام هدنة فيه بين الجانبين. هذه الهجمات أظهرت بوضوح أن روسيا لا تسعى إلى السلام، بل تواصل إصرارها على الحرب وتدمير أوكرانيا.

لا تنازلات
أكد "أوس" أنه من جانبها، ترفض أوكرانيا تقديم أي تنازلات إقليمية يمكن مناقشتها خلال مفاوضات السلام، رغم أن بعض الأصوات في الولايات المتحدة تُلمّح إلى إمكانية طرح هذه التنازلات في إطار محادثات تطبيع العلاقات بين واشنطن وموسكو.
ولفت إلى أن هذه المواقف تثير قلقاً واسعاً في أوكرانيا "إذ تُضعف ثقة كييف في كون الولايات المتحدة شريكاً أساسياً وداعماً رئيسياً، كما تُغذي المخاوف من استعداد واشنطن للتضحية بأوكرانيا سعياً لتحسين علاقاتها مع روسيا".
وأوضح: "لذلك، تكثف كييف تواصلها مع عدد من الدول الأوروبية وتركيا واليابان وكوريا الجنوبية وكندا ودول أخرى، سعياً لتأمين استمرار دعمها، في حال قررت واشنطن تقليص دورها النشط في دعم أوكرانيا".
وشدد على أن هذا الدعم الدولي ضرورياً بالنسبة لأوكرانيا، في ظل عدة سيناريوهات محتملة، أبرزها: تصاعد الضغوط الأمريكية لتثبيت خطوط التماس الحالية، أو دخول الحرب مرحلة تصعيد عسكري بهدف تحسين شروط التفاوض المحتمل مع حلول خريف العام الجاري، أو حتى انهيار فرص الحل الدبلوماسي بشكل كامل، لا سيما في ظل التصعيد الروسي الأخير في سومي، وقبله في كريفي ريه، ما أضيق بشكل كبير هامش التحرك السياسي نتيجة الأثر الأخلاقي والإنساني العميق لهذه الهجمات.

المشاركة الصينية
منذ اندلاع الحرب الروسية ضد أوكرانيا عام 2014، وتحوّلها إلى غزو شامل في 2022، شارك مقاتلون أجانب من عدة دول في القتال إلى جانب الطرفين. ووفق الخبير الأوكراني "يجدر تذكير العالم أن أوكرانيا تخوض حرب دفاع عن أراضيها، بينما تقوم روسيا بالعدوان ومحاولات الضم، ما يمنح المشروعية لمن يدافعون إلى جانب أوكرانيا، ويجعل من يقاتلون إلى جانب روسيا شركاء في العدوان".
وأضاف: "قاتل ممثلون عن دول مختلفة إلى جانب القوات الروسية، من بينهم أمريكيون، أبرزهم راسل بنتلي، الذي انضم للقتال مع الروس منذ 2024، وقتله جنود روس في العام ذاته. لكن هؤلاء المقاتلين لم يكونوا جنوداً نظاميين في جيوش بلدانهم، على عكس الجنود الكوريين الشماليين الذين أرسلتهم بيونغ يانغ بشكل رسمي، وقُتل بعضهم وأُسر آخرون، رغم نفي موسكو المتكرر لوجودهم ضمن صفوفها".
وأشار إلى أن فيما يتعلق بأسر أوكرانيا لمواطنين صينيين، فقد حظيت هذه الواقعة بتغطية إعلامية واسعة. ورغم أن كييف لا تتهم بكين رسمياً بالمشاركة في الحرب، فإنها تسلط الضوء على تورط مواطنين صينيين في القتال إلى جانب روسيا.
وتابع:" يُعتقد أن إثارة هذه القضية تهدف لعدة رسائل: أولاً، تقديمها كأداة ضغط في الصراع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، وللتأكيد على أن الرهان الأمريكي على روسيا كحليف محتمل في مواجهة الصين لن يُثمر، وهو ما يفسر امتناع واشنطن عن توجيه اتهامات صريحة لموسكو بخصوص بدء الحرب أو الجرائم التي ترتكبها قواتها.
ثانياً، تهدف أوكرانيا إلى إثارة توتر غير معلن بين روسيا والصين، إذ يُتوقع أن تشعر بكين، حتى وإن لم تصرح علناً، بأن موسكو ورّطتها في هذا الموقف، وهو ما يصب في مصلحة أوكرانيا على المستوى الاستراتيجي.