خبير اقتصادي: الحكومة تعيد توزيع الدعم لحماية المواطن وتقليل العجز

في تحول لافت على خريطة الدعم الحكومي، أظهرت تفاصيل الحساب الختامي للعام المالي 2024/2025 ومشروع موازنة 2025/2026 تغييرات عميقة في مخصصات دعم الطاقة في مصر. حيث تم تخفيض دعم المواد البترولية بنسبة تقارب 50%، مقابل زيادة قياسية في دعم الكهرباء، ما يعكس توجه الدولة لإعادة هيكلة أولوياتها الاقتصادية والاجتماعية.
وفي تصريح خاص لموقع "نيوز روم"، قال الدكتور أحمد إمام، الخبير الاقتصادي، إن الحكومة تسعى لتحقيق توازن دقيق بين ضبط العجز المالي وحماية الفئات المتأثرة من الإصلاحات الاقتصادية.
خفض دعم الوقود
وبحسب البيانات الرسمية، بلغ دعم المواد البترولية في الحساب الختامي لموازنة 2024/2025 نحو 154.5 مليار جنيه، متأثرًا بتقلبات أسعار النفط وسعر الصرف.
وأشار الدكتور أحمد إمام إلى أن هذا الرقم كاد أن يتجاوز 170 مليار جنيه، لولا تدخلات رفع أسعار الوقود في النصف الثاني من العام، مضيفًا: "خفض الدعم في موازنة 2025/2026 إلى 75 مليار جنيه يعكس التزام الدولة بتحرير أسعار الوقود تدريجيًا، وفق خطة إصلاح واضحة، تستهدف وقف الدعم بالكامل بحلول نهاية 2025".
وأوضح أن هذه الخطوة جاءت بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي ضمن اتفاقات إصلاح مالي وهيكلي، مشيرًا إلى أن التوفير المحقق من خفض دعم الوقود تم توجيهه إلى قطاعات أخرى تمس الحياة اليومية للمواطن.
دعم الكهرباء
وفي المقابل، ارتفعت مخصصات دعم الكهرباء بشكل غير مسبوق، لتصل إلى 75 مليار جنيه في مشروع موازنة 2025/2026، بعد أن كانت 2.5 مليار جنيه فقط في العام السابق.
وعلّق إمام على هذه الزيادة، أن الدولة اختارت التراجع مؤقتًا عن زيادات أسعار الكهرباء لحماية الشرائح الضعيفة في ظل التضخم، ما تطلب دعمًا ماليًا كبيرًا لضمان استمرار الخدمة وعدم تحميل المستهلك عبئًا إضافيًا."
وأوضح أن الحكومة استخدمت هذا الدعم الكبير لتعويض شركات الكهرباء عن ارتفاع تكاليف الإنتاج والتشغيل، مع الحفاظ على استقرار الأسعار للمواطنين، خاصة في الشرائح منخفضة الاستهلاك.
الغاز الطبيعي
وحافظت موازنة 2025/2026 على مخصص قدره 3.5 مليار جنيه لدعم توصيل الغاز الطبيعي للمنازل، وهو نفس المبلغ المخصص في العام السابق. ووصف الدكتور "إمام" هذا الدعم بأنه استثمار طويل المدى، قائلاً: "تحويل المنازل من استخدام البوتاجاز إلى الغاز الطبيعي يوفر للدولة مليارات على المدى البعيد، ويقلل من فاتورة الاستيراد ويدعم نمط حياة حضاري أكثر أمانًا وفاعلية".
وأضاف أن من المستهدف توصيل الغاز إلى 900 ألف وحدة سكنية جديدة خلال 2025، وهو ما يسهم تدريجيًا في تقليل الاعتماد على الدعم غير المباشر لأسطوانات البوتاجاز.
إعادة توجيه الدعم
فيما أكد الدكتور أحمد إمام، أن الحكومة لا تلغي الدعم بل تعيد توجيهه، مشيرًا إلى أن ،التحولات الجارية تعكس نضوجًا في سياسات الدعم، بحيث يصل إلى مستحقيه الفعليين دون استنزاف الموارد العامة، لكن نجاح هذه السياسات مرهون بسرعة تنفيذ برامج الحماية الاجتماعية الموازية، وتوسيع قاعدة المستفيدين منها".
وشدد "إمام" على ضرورة الموازنة بين الأهداف الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، خاصة في ظل الظروف المعيشية الضاغطة التي تواجه المواطن المصري اليوم.