عاجل

فيه علاقات كثيرة في حياتنا ما بتبدأش من حب حقيقي، ولكن من فراغ حقيقي. أوقات بنلاقي في ناس مش بتقرب عشان شايفينا بجد، لكن عشان مش شايفين غيرنا وقتها. وفي لحظات، من كتر ما بنكون حقيقيين وبنحب بصدق، بنقبل نكون "الراحة" لشخص كان بيجري طول الوقت وافتكرنا لما تعب. لكن في لحظة لازم تيجي، اللحظة اللي نقول فيها: "أنا مش وقت فراغ".

فيه نوع من البشر بيحب يحطك في خانة "الاحتياطي". يفتكرك بس لما يزهق، أو يضايق، أو يفشل في علاقاته مع الآخرين. أنا مش المدة اللي بين مكالمة ومكالمة، ولا الفراغ اللي بيملاه لما الدنيا تبقى هادية حوالين قلبه. أنا مش الكرسي الفاضي اللي بيقعد عليه عشان يرتاح شوية. أنا مش المساحة اللي بيركن فيها مشاعره لحد ما يقرر يحب مين تاني.

أنا مش آخر فرصة

أنا مش آخر فرصة، ولا "أصل مفيش غيرك دلوقتي". أنا مش الكلمة اللي بتتقال عشان تملي صمت، ولا الحضن اللي بيتحس لما مافيش حضن تاني متاح. أنا مش ترانزيت، ولا محطة انتظار. أنا مش وقت فراغ، ولا فاصل إعلاني. أنا القرار، مش التردد. أنا الاختيار، مش البديل. أنا إنسانة عندي حياة، تفاصيل، حاجات بتوجعني وحاجات بتفرحني.

 ما ينفعش تتعامل معايا على إني "plan B" أو "الكارت الأخير" في اللعبة.

المشكلة إن في ناس كتير بتفتكر إن قربهم مننا فضل.

إن ردهم علينا كرم، وإن سكوتنا رضا. بس الحقيقة إننا ساعات بنتجاهل كرامتنا عشان الود، وبننسى نفسنا شوية عشان ندي فرصة للي ما يستحقش أصلاً يكون حوالينا.

كفاية نكون تاكسي المشاعر، نوصل ونطبطب ونقول "ولا يهمك"، وننزل لوحدنا في آخر السكة.

في حياة كل واحدة فينا، في مرحلة بتكتشف فيها إنها كانت بالنسبة لحد مجرد وقت فراغ. مش أولوية، ولا حب، ولا حتى اختيار واضح. مجرد مساحة مريحة بيهرب لها لما يتعب، ويرجع لها لما يزهق، ويبعد عنها أول ما يحس إنه "أتحسن".

المؤلم مش بس وجوده وقت ما يحب.

المؤلم هو سكوتك كل مرة بيرجعلك فيها. إنك تسمحي له يدخل تاني بكلمة بسيطة، وكأن الوجع اللي سابه المرة اللي فاتت ما كانش كفاية.

بيكلمك بعد شهور، كأنه لسه من شوية كان بيطبطب وبيقولك: "وحشتيني". وإنتِ رغم كل حاجة بتسمعي الكلمة. وبتسألي نفسك: هو وحشني بجد؟ ولا افتكرني لما مل من باقي الناس؟ الإجابة هي إنه حب إحساسك ناحيته. حب وجودك وقت ما الكل اختفى، وبيشوفك كأنك ركن دافي بيرجع له لما الدنيا تبرد عليه.

لكن الحقيقة؟

أنا مش ركن، ولا لحظة هروب، ولا كتف مستعار. أنا مش وقت فراغ. أنا مش اللي بيفتكرها في المسافة بين علاقتين، ولا اللي بيطمن إنها موجودة على الهامش طول الوقت وترد أول ما يفتكر يتصل.

أنا إنسانة. قلبي مش محطة انتظار. وصبري مش شيء مضمون.

أنا اللي كانت بتسأل "هو ماله؟" لما صوته بيتغير.

أنا اللي كانت بتقلق عليه أكتر ما بيقلق على نفسه. أنا اللي كانت بتفرح له وهو مش شايف، وبتزعل عشانه وهو مش حاسس. بس أنا كمان، اللي فهمت في الآخر.

فهمت إن وجودي ما ينفعش يكون مؤقت. ولا مشاعري تتحط في الدور التاني. ولا قلبي يتعامل معاملة الظل اللي بيظهر وقت الشمس ما تغيب.

أنا مش الحكاية اللي بترجع تشتغل لما كل الحكايات تفشل.

أنا مش الشخص اللي بيرجع له لما يخسر كل الناس. أنا مش التعويض، ولا المؤقت، ولا البديل.

أنا حضور حقيقي. ولما ما يتقدرش بعرف أمشي. من غير صوت عالي، من غير عتاب، ومن غير رجوع.

لأن في لحظة معينة، الوجع بيبطل يوجع وبيبدأ يعقل.

والقلب اللي كان بيستنى بيختار ينسى. والست اللي كانت دايمًا موجودة بتختفي. مش من الحياة لكن من حسابات اللي ما استاهلوهاش. اللي بيحب بجد بيجي من أول السطر مش في آخر الهامش، واللي يستاهلني لازم يكون شايفني قيمة، مش مساحة فاضية بيعدي بيها الوقت. أنا مش لحظة، ولا استراحة، ولا تعويض.

في النهاية...

اللي بيحب بجد ما بيركنش الناس لوقت الزنقة، ولا بيرجع لما يفتكر. الحب مش صدفة، ولا صدقة. الحب اختيار. واللي مش بيختارك من الأول، ما يستحقش وجودك في الآخر.

تم نسخ الرابط