عاجل

"ميلوني" في واشنطن.. هل تؤثر زعيمة إيطاليا على حرب الرسوم الجمركية؟

رئيسة الوزراء الإيطالية
رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني والرئيس الأمريكي دونال

في ظل محادثات تجارية على حافة السكين، يشعر كبار المسؤولين الأوروبيين بالقلق إزاء سفر رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، إلى واشنطن، للقاء الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الخميس. لكنهم يدركون -أيضًا- أنها قد تكون أفضل فرصة لهم لتخفيف التوترات عبر الأطلسي.

"ميلوني"، القيادية ذات الصلات باليمين المتطرف في إيطاليا، والتي انضمت إلى الوسط من خلال تعاونها الوثيق مع شركائها في الاتحاد الأوروبي، تتمتع بوضع فريد يُمكّنها من التفاعل مع ترامب بشكل بنّاء لصالح بلدها وأوروبا عمومًا، وفقًا للخبراء. 

ووفق تقرير لصحيفة "بوليتيكو"، يأمل الزعماء في الاتحاد الأوروبي، أن تتمكن ميلوني من دفع ترامب نحو اتفاق تجاري لتجنب المزيد من الرسوم الجمركية المتبادلة، والتأثير على نهجه في حل الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وتنقل الصحيفة عن جيريمي شابيرو، المسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية خلال إدارة أوباما إن هناك قلق شديد في بروكسل -وعواصم أوروبية أخرى- بشأن ما تحاول ميلوني فعله "لكنهم يائسون بما يكفي، ولا يحاولون إيقافها".

شخصية رائعة

لطالما وضع ترامب، الذي دعا ميلوني لحضور حفل تنصيبه وأشاد بها ووصفها بأنها "شخصية رائعة"، العلاقات الشخصية في صميم دبلوماسيته. 

ورغم استعداد مساعديه لمناقشة مجموعة من القضايا، يرى الرئيس الأمريكي أن الاجتماع بحد ذاته يُثبت صحة ادعائه بأن رسومه الجمركية دفعت قادة آخرين إلى اللجوء إليه، وفقًا لمسؤول في البيت الأبيض. وهذا، بطبيعة الحال، هو ما يقلق المسؤولين الأوروبيين، أن يسافر زعيم أوروبي لمقابلة ترامب بعد أسبوع واحد فقط من إعلانه، بينما كان يضغط على زر الإيقاف المؤقت لنظام التعريفات الجمركية الأوسع.

كما أدت قرابة "ميلوني" بعالم ترامب إلى إثارة عدم الثقة من جانب الحلفاء الأوروبيين، الذين يعتقدون أنها قد تنقل رسالة تنحرف بشكل كبير عن الرسالة التي ينقلها زعماء آخرون، مثل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر.

ينقل التقرير عن راشيل ريزو، الزميلة في مركز أوروبا التابع للمجلس الأطلسي: "تُعتبر ميلوني مناصرةً لعلاقاتٍ عابرةٍ للأطلسي، لكنها تتشارك أيضًا في رؤيةٍ عالمية، لا سيما على الصعيد المحلي، مع ترامب وفريقه". 

وتضييف: "إنهم متوافقون، وهي وإيلون ماسك متوافقان. أعتقد أن هذا يعني أنها تستطيع التحدث بلغةٍ ترامبيةٍ يعجز عنها العديد من القادة الأوروبيين الآخرين".

في المقابل، حتى الآن لم يتمكن قادة الاتحاد الأوروبي من تأمين لقاءات خاصة بهم مع الرئيس الأمريكي. وأعرب بعضهم عن قلقهم من أن العمل الدبلوماسي الحر يهدد بتفاقم الخلافات داخل الائتلاف الهش المكون من 27 عضوًا، وفقًا لمسؤول في الاتحاد الأوروبي.

ولفت إلى أنهم (زعماء أوروبا) يخشون أن تُقوّض أي إعفاءات جمركية محتملة لإيطاليا النفوذَ الجماعي للاتحاد الأوروبي في محادثات التجارة. وأكد مكتب رئيسة الوزراء هذا الأسبوع أن "ميلوني" تحدثت مع رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، لتنسيق رسالتها إلى ترامب.

موازنة الضغوط

ورغم أن "ميلوني" تحالفت بشكل أوثق مع بقية أوروبا في الدفاع عن أوكرانيا أكثر مما توقع الكثيرون، فإن تأثير الحرب على الاقتصاد الإيطالي -وعلى سياساتها الداخلية- جعل البعض في بروكسل يتساءلون عن المدة التي سوف يستمر فيها دعمها لأوكرانيا.

وكانت "ميلوني" بارعة في موازنة الضغوط المتنافسة، تتمتع ببعض المرونة؛ كما أنها كانت أكثر صرامة تجاه روسيا مما توقعه الناس. ولكن بالنظر إلى السياسة الإيطالية، هناك بعض المخاوف من أنها قد تُخبر ترامب -سرًا- بأنهم لن يُعارضوه إذا خفف العقوبات المفروضة على روسيا؛ وإذا حدث ذلك، فإن جبهة العقوبات الأوروبية ستتدهور بشكل كبير.

وأكد التقرير أنه "لم يُفلح القادة الأوروبيون في ثني ترامب عن الانخراط مباشرةً مع روسيا أو التأثير على رغبته في إنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن".

ورجّح أنه "إذا ضغطت ميلوني على ترامب بشأن الحرب، فمن المرجح أن تفعل ذلك بعد أن تغادر الكاميرات المكتب البيضاوي". ومن شأن ذلك أن يسمح لترامب بإظهار -علناً- أنه، على الرغم من كل الانتقادات التي يوجهها هو ونائبه جيه دي فانس لأوروبا، فإنه يحافظ على علاقات دافئة مع عدد من الزعماء.

ونقلت "بوليتيكو" عن مسؤول في البيت الأبيض إنه لا يعتقد أن الاتحاد الأوروبي جزء من حسابات الرئيس ترامب عند التحدث مع القادة الأوروبيين "فهو يرى الاتحاد الأوروبي يستغل الولايات المتحدة. ومع ذلك، فقد حافظ على علاقات إيجابية ووثيقة مع قادة هذه الدول. فهو لا يجمعهم جميعًا في خانة واحدة، ولديه علاقة شخصية قوية مع ميلوني".

لذا، قد تساعد هذه الصلة الشخصية "ميلوني"، على تسهيل انفراج في العلاقات التجارية بين ترامب والاتحاد الأوروبي. 

بعض الود

وفقًا لمسؤولين في الإدارة الأمريكية، ستشارك "ميلوني" فيما أصبح جزءًا أساسيًا من زيارة أي زعيم إلى البيت الأبيض، وهو لقاء في المكتب البيضاوي بجانب ترامب أمام مجموعة صغيرة من الصحفيين -تختارهم الإدارة الآن- والذي حل محل المؤتمرات الصحفية الرسمية في الغرفة الشرقية. 

وتقول "بوليتيكو" إن "إغداق الثناء العلني على الرئيس، والتعامل ببراعة مع الأسئلة الموجهة إليه، وسيلةً للقادة الزائرين لتهدئة ترامب ووضعه في مزاج أكثر تصالحًا قبل الاجتماعات المغلقة والغداء الاحتفالي الذي يليها عادةً".

هنا، يبقى أن نرى ما إذا كانت ميلوني قادرة على إقناع ترامب بالصفقة التي اقترحها الأوروبيون، خفض الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى الصفر على جانبي الأطلسي. بينما يأتي توقيت الزيارة في وقت يركز فيه ترامب على عقد الصفقات، وينشغل بإيجاد مخرج من المواجهة مع بكين بشأن الرسوم الجمركية، قد يصب في مصلحة "ميلوني".

ولم يوجه "ترامب" دعوة لفون دير لاين حتى الآن للقاء، كما ألغى وزير الخارجية، ماركو روبيو اجتماعا مع كايا كالاس، رئيسة الوزراء الإستونية السابقة، التي تشغل الآن منصب أعلى دبلوماسية في الاتحاد الأوروبي، عندما سافرت إلى واشنطن في وقت سابق من هذا العام.

هذا يُتيح لقادة مثل "ميلوني" التواصل بشكل مباشر مع البيت الأبيض. وفي إطار حرصها على ذلك، ستعود مباشرةً إلى روما لاستضافة فانس -أشد منتقدي الإدارة الأمريكية للاتحاد الأوروبي- في زيارة رسمية يوم الجمعة.

ولكن حتى الآن، لم تفعل المشاركات الودية للبيت الأبيض مع الزعماء الأوروبيين الكثير لردع الرئيس عن اتخاذ إجراءات عدائية تجاه الاتحاد الأوروبي، سواء من خلال فرض رسوم جمركية مؤقتة بنسبة 20% على جميع الواردات الأوروبية، أو تجاهل الحلفاء واستئناف المحادثات المباشرة مع روسيا دون شروط مسبقة.

تم نسخ الرابط