عاجل

الأكراد وسوريا الجديدة.. بين تكتيكات الشرع وتحالفات واشنطن وأنقرة | تقرير

مظلوم عبدي وأحمد
مظلوم عبدي وأحمد الشرع

مع تهاوي الأسد ونظامه في الثامن من ديسمبر من العام المنصرم، وصعود أحمد الشرع إلى سدة الحكم في سوريا، دخل الملف الكردي مرحلة جديدة تتجاوز مرحلة الصراع التقليدي مع النظام السابق بقيادة بشار الأسد.

فالأكراد الذين لعبوا دورًا محوريًا في المعادلة الأمنية والعسكرية خلال الحرب، باتوا اليوم في مواجهة خيارات أكثر تعقيدًا، وسط متغيرات محلية ودولية تعيد رسم خريطة القوى شمال شرق سوريا.

أحد السوريين يحتفل بسقوط نظام الأسد مرتديًأ علم الثورة السورية
أحد السوريين يحتفل بسقوط نظام الأسد مرتديًأ علم الثورة السورية

الشرع والأكراد: بين الاحتواء والحذر

منذ توليه السلطة، أطلق الشرع إشارات مزدوجة تجاه "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا". 

فعلى الرغم من تصريحاته بشأن "الاعتراف بالتنوع القومي"، فإن تحركات حكومته تشير إلى رغبة في إعادة توحيد القرار الأمني والعسكري تحت سيادة الدولة، مع تقديم عروض تفاوضية مشروطة.

الأكراد من جهتهم ينظرون إلى هذه السياسة بحذر، فهي تختلف شكلاً عن نهج الأسد لكنها قد تحمل جوهرًا مشابهًا من حيث الهيمنة المركزية.

ويمثل الأكراد ثاني أكبر مجموعة عرقية في سوريا بعد العرب، ولا يعرف على وجه اليقين العدد الفعلي وتتراوح التقديرات غير الرسمية لأعدادهم ما بين 5.7%، وفقًا لدراسة بعنوان "التغيير الديمغرافي في سورية" من إعداد مركز الأمة للدراسات والتطوير.

واشنطن: شراكة مستمرة بلا ضمانات

لا تزال قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تحتفظ بعلاقات وثيقة مع القوات الأمريكية المتواجدة في المنطقة، وهو ما يوفر لها نوعًا من الحماية أمام الضغوط التركية والسورية.

إلا أن إدارة ترامب ومن قبله بايدن، لم يقدما التزامات صريحة بدعم الحكم الذاتي الكردي، ما يضع الأكراد أمام شراكة مؤقتة لا تخلو من المخاطر.

أحد مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية “قسد” يرفع شعار التنظيم 
أحد مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية “قسد” يرفع شعار التنظيم 

تركيا: تصعيد رغم تغير دمشق

رغم تغيّر القيادة السورية، لم تُبدِ أنقرة أي مرونة تجاه المسألة الكردية. 

فهي تواصل الضغط عسكريًا وسياسيًا لمنع قيام أي كيان كردي مستقل على حدودها، مستفيدة من التنسيق الأمني مع موسكو في بعض المناطق، ومن الانقسام الكردي الداخلي، إضافة إلى تحريك ورقة "المجالس المحلية المعارضة" في مناطق الشمال كأداة نفوذ ضد الأكراد.

ويرى يونس الأحمدي -اسم مستعار- طبيب سوري يعيش في مناطق سيطرة الأكراد، أن الإدارة الذاتية تعامل المكونات السورية الباقية كمواطنين من الدرجة الثانية، في ظل غياب منظومة عادلة واضحة وشفافة.

مقاتلون من قوات سوريا الديمقراطية “قسد”
مقاتلون من قوات سوريا الديمقراطية “قسد”

إسرائيل: العلاقة السرية تبقى في الظل

أما على صعيد العلاقة مع إسرائيل، فلم تخرج إلى العلن أي علاقات رسمية بين الطرفين.

لكن بعض التقارير الاستخباراتية الغربية تشير إلى استمرار قنوات تواصل غير مباشرة، بدوافع استراتيجية من تل أبيب تهدف إلى خلق توازن مقابل النفوذ الإيراني في سوريا، خاصة مع تراجع نفوذ طهران إثر التغيير السياسي في دمشق.

مركزية الشرع والإدارة الذاتية

تحاول قيادة أحمد الشرع تقديم نموذج جديد لسوريا، لكن المعضلة الكردية تبقى اختبارًا حقيقيًا للنظام الجديد في بناء دولة شاملة تعترف بالتنوع.

مستقبل العلاقة بين الطرفين يعتمد على قدرة الشرع على تجاوز إرث الحرب الأهلية من جهة، واستعداد الأكراد للانخراط في مشروع وطني مشترك دون التخلي عن مكتسباتهم السياسية والعسكرية.

وحتى ذلك الحين، يبقى الملف الكردي أحد أكثر ملفات سوريا حساسية وتعقيدًا في مرحلة ما بعد الحرب.

الرئيس السوري أحمد الشرع
الرئيس السوري أحمد الشرع
تم نسخ الرابط