انقلاب حقيقي وتدخل قضائي
بعد اعتقال عميل وتسريبات أمنية.. تصاعد الأزمة بين الحكومة الإسرائيلية والشاباك

شهدت الساحة السياسية والأمنية في إسرائيل تصعيدًا جديدًا في التوتر بين عدد من الوزراء ورئيس جهاز الأمن الداخلي "الشاباك" رونين بار، عقب اعتقال أحد عملاء الجهاز بتهمة تسريب معلومات سرية، في قضية تُنذر بتداعيات عميقة على مستقبل المؤسسة الأمنية والعلاقة بين الأجهزة التنفيذية.
اتهامات متبادلة وتحقيقات حساسة
أُلقي القبض على العميل الأمني، الذي لم يُكشف عن اسمه، الأسبوع الماضي بشبهة تمرير معلومات سرية إلى جهات غير مخوّل لها، من ضمنها وزير في الحكومة وصحفيين، مستغلًا منصبه ووصوله إلى قواعد بيانات الشاباك. وأقرّ الجهاز الأمني في بيان رسمي بحصول التسريب، وأوضح أن أكثر من 20 تحقيقًا أُجري بشأن تسريبات مشابهة خلال حرب غزة الأخيرة.
وأكدت هيئة الدفاع عن العميل أن المعلومات المُسرّبة "ذات أهمية عامة" ولا تمثل خطرًا على الأمن القومي، فيما أشاد الوزير عميحاي شيكلي بالعميل ووصفه بـ"البطل"، مدّعيًا أن التسريبات كشفت تجسس بار على مسؤولين حكوميين، وتشويه متعمد للحقائق المتعلقة بتحقيقات الشاباك بشأن اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر 2023.
"انقلاب حقيقي" وتدخل قضائي
وزير المالية بتسلئيل سموتريتش وصف ما يجري بأنه "الانقلاب الحقيقي"، متهمًا بار باستخدام سلطاته كأداة للانتقام السياسي. وأيدت الحكومة قرارًا بإقالة بار الشهر الماضي، غير أن المحكمة العليا جمّدت القرار بعد اعتراض من النائب العام، الذي شدد على ضرورة عرض المسألة على لجنة خاصة.
في السياق ذاته، اتهم حزب الليكود، بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، رئيس الشاباك بالعمل لصالح "الدولة العميقة"، محوّلًا بعض مهام الجهاز إلى ما وصفه بـ"ميليشيا خاصة"، بالتنسيق مع المدعية العامة غالي بهاراف ميارا، التي تواجه بدورها حملة انتقادات واسعة من اليمين.
دعم من المعارضة وتحذيرات من "تآكل أمني"
في المقابل، دافع زعيم المعارضة يائير لابيد بشدة عن رئيس "الشاباك"، معتبرًا الهجوم عليه "مجزرة سياسية" تهدد سلامة المؤسسة الأمنية، واتهم الحكومة بأنها "تضطهد المحققين الذين يتصدون لجرائم تهدد أمن الدولة". كما أشار إلى أن الهجوم على بار مرتبط مباشرة بما يعرف إعلاميًا بفضيحة "قطر غيت"، والتي يتهم فيها مقربون من نتنياهو بتلقي تمويل من قطر لتحسين صورتها في الإعلام الإسرائيلي.
وقال السياسي اليساري يائير غولان إن نتنياهو يحاول "إقالة المحققين لحماية نفسه والمقربين منه"، مؤكدًا أن رئيس الوزراء بات يشكل "خطرًا على إسرائيل" في ظل هذه التطورات.
أزمة ثقة وتهديد بتفكك المنظومة الأمنية
تكشف هذه القضية حجم الانقسام المتزايد داخل مؤسسات الحكم الإسرائيلية، لا سيما مع إعلان رونين بار عزمه الاستقالة خلال أسابيع. ويخشى مراقبون أن تؤدي هذه الأزمة إلى تآكل ثقة الجمهور في الأجهزة الأمنية، في وقت تخوض فيه إسرائيل حربًا مستمرة في قطاع غزة وتواجه تحديات داخلية متصاعدة.