أثار الظهور الأخير للفنان محمد رمضان بملابس غير لائقة وأداء حركات راقصة صاخبة موجة واسعة من الانتقادات، وهو أمر يتعدى حدود النقد الفني إلى تساؤلات جوهرية حول مستقبل هويتنا الوطنية والقيم التي نرغب في زرعها في أبنائنا.
خطورة هذا النوع من السلوكيات لا تكمن فقط في الشكل الخارجي، بل تتعداه إلى ما ترسخه من نماذج قد تصبح قدوة لدى الشباب، الذين هم أكثر الفئات عرضة للتأثر والتقليد دون إدراك العواقب. فالهوية الوطنية المصرية ترتبط بقيم راسخة من الاحترام والتواضع والالتزام الأخلاقي، وهي قيم بدأت تتعرض للتشويه في ظل انتشار ثقافة السطحية والإثارة والتباهي الزائف.
عندما يقلد الشباب شخصيات مثل محمد رمضان، الذي يصر على الظهور بأساليب استفزازية مستوردة من ثقافات غريبة، فإنهم يتخلون تدريجيًا عن ملامح هويتهم الوطنية الأصيلة. هذه الهوية التي طالما حافظت على تماسك المجتمع وترابط أفراده، تتعرض اليوم لموجة شرسة من محاولات الطمس والتبديل. فالسلوكيات التي تنشرها بعض الشخصيات العامة تؤدي إلى ارتباك في الوعي المجتمعي، خاصة مع سهولة انتشار وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي التي تجعل الشباب يتعرضون بشكل مستمر لهذه النماذج السلبية.
القدوة الحسنة ليست مجرد رفاهية، بل ضرورة اجتماعية وتربوية ملحّة. وإذا ما تركنا الأجيال الصاعدة فريسة لهذه النماذج التي تسوّق للابتذال والتفاهة، فإننا نخاطر بمستقبل مجتمع بأكمله، ونعرض هويتنا الحضارية والثقافية للاندثار.
من هنا تبرز الحاجة إلى دعم النماذج الوطنية الإيجابية في كافة المجالات، من الفنون إلى العلوم والرياضة، وتقديمها بشكل جاذب وملهم للشباب. وعلى مؤسسات الدولة، من التعليم إلى الإعلام، تحمل مسؤوليتها في تعزيز الوعي وتقديم البدائل المناسبة، حتى تظل مصر كما كانت دائمًا منارةً للقيم الأصيلة والثقافة الراقية.
ويجب أيضًا على الأسرة أن تؤدي دورها الأساسي في توجيه أبنائها وتحصينهم ضد النماذج السلبية، من خلال الحوار المفتوح والتوعية المستمرة، وتعريفهم بتاريخهم وهويتهم الثقافية والوطنية بشكل عميق وجذاب. كما تقع مسؤولية كبيرة على المدارس والجامعات في خلق بيئة تعليمية تعزز من الاعتزاز بالهوية والقيم الوطنية.
إن ما حدث ليس مجرد حادثة عابرة، بل جرس إنذار يدق بقوة، يحذر من عواقب إهمال مسؤولية الحفاظ على هويتنا الوطنية. وعلى الجميع أن يدرك أن التقليد الأعمى لا يقود إلا إلى الهاوية، وأن صيانة الهوية الوطنية مهمة مقدسة تتطلب تضافر الجهود من كل أطياف المجتمع.