حنان رمسيس: 160 مليار جنيه تكلفة كل زيادة في سعر الدولار على الموازنة المصرية

أكدت د. حنان رمسيس، خبيرة أسواق المال، أن تقرير بنك "ستاندرد تشارترد" الذي أشار إلى احتمال وصول سعر الدولار إلى 54 جنيهًا بحلول عام 2026 يحمل بعض الصواب، ولكنه ليس "حتمياً".
وأوضحت في تصريحات خاصة لـ"نيوز روم" أن التقدير الوارد في التقرير يعتمد بشكل كبير على مرونة سعر الصرف، بالإضافة إلى قدرة الدولة المصرية على الوفاء بالتزاماتها المالية في ظل الظروف الاقتصادية المعقدة التي يمر بها الاقتصاد المصري.
عوامل خارجية تؤثر على تدفقات النقد الأجنبي
وأضافت رمسيس أن هناك عدة عوامل خارجية تؤثر حالياً على تدفقات النقد الأجنبي، من بينها توقف أو تباطؤ حركة الملاحة في قناة السويس، وهو ما أثّر بشكل مباشر على الإيرادات الدولارية. ورغم أن النشاط قد يعود تدريجياً، إلا أن القوة السابقة التي كانت تتمتع بها قناة السويس في جذب الإيرادات قد لا تعود بنفس الوتيرة.
كما أشارت إلى خروج جزء من الأموال الساخنة من السوق المصري في الآونة الأخيرة، لافتة إلى أن الدولة قد تتجه في المستقبل القريب إلى خفض أسعار الفائدة، مما قد يؤثر سلبًا على جذب التدفقات الأجنبية التي كانت تساهم في تعزيز الاقتصاد المصري.
مواصلة اتخاذ إجراءات تقشفية
وتابعت خبيرة أسواق المال أن هناك التزامات مالية على الدولة تجاه صندوق النقد الدولي، ونادي باريس، والبنك الدولي، وهو ما يتطلب مواصلة اتخاذ إجراءات تقشفية مثل تقليص الدعم على البنود المختلفة، مثل المحروقات والخبز. وأكدت أن الحكومة تسعى إلى تحقيق توازن بين المصروفات والإيرادات من خلال إجراءات مثل رفع أسعار الوقود وربط دعم الخبز بمستحقيه فقط.
وقالت رمسيس إن وصول سعر الدولار إلى أكثر من 55 جنيهًا يمثل تحديًا كبيرًا للاقتصاد المصري، خصوصًا في ظل محاولات الحكومة لضبط السياسة المالية من خلال إعادة هيكلة الدعم وزيادة الأسعار بما يتماشى مع المستويات العالمية. وأكدت أن مرونة سعر الصرف ستكون العامل الحاسم في تحديد قيمة الجنيه مقابل الدولار، مشيرة إلى أن التنبؤ بأسعار ثابتة أمر صعب، حيث أن التحركات تعتمد على المدخلات والمصروفات الحكومية.
التغيرات في سعر الصرف
وفيما يتعلق بتأثير التغيرات في سعر الصرف على الموازنة العامة للدولة، كشفت رمسيس أن كل جنيه إضافي في سعر الصرف يكلف الدولة نحو 160 مليار جنيه، ما يزيد الضغط على الميزانية. وأضافت أن ارتفاع سعر الدولار يؤدي إلى زيادة في أسعار السلع والخدمات، حتى تلك التي لا يتم استيرادها، بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل والتوريد، فضلاً عن زيادة أسعار الذهب نتيجة استيراده من الخارج.
وبالرغم من أن بعض المؤشرات مثل البورصة قد تستفيد من ارتفاع الدولار من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية، أكدت رمسيس أن الضرر الاقتصادي الناجم عن تذبذب سعر الصرف أكبر من الفوائد، خاصة مع تباطؤ الاستثمار المباشر بسبب التقلبات التي تشهدها العملة المحلية، مما يجعل من الصعب على المستثمرين تقييم الشركات المستهدفة بالاستحواذ.
رفع أسعار المحروقات
وعن توقعاتها لقرار البنك المركزي بشأن سعر الفائدة، أشارت رمسيس إلى أنها كانت تتوقع خفضًا لسعر الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس، إلا أن رفع أسعار المحروقات جعل من الأرجح أن يقتصر الخفض على 100 نقطة فقط. وأكدت أن خفض الفائدة بشكل تدريجي هو الخيار الأنسب في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية، وذلك لتجنب خروج الأموال الساخنة من سوق أدوات الدين المحلية.
تستمر تحديات الاقتصاد المصري في التأثير على أسعار الصرف وتدفقات النقد الأجنبي، حيث يبقى سعر الدولار أحد القضايا الجوهرية التي تواجه الحكومة في تحقيق التوازن الاقتصادي.