من يستطيع إيقاف أطماع العائد للبيت الأبيض
بين الاقتصاد والمشاعر.. كيف تراجعت فرص المحافظين في كندا بعد تهديدات ترامب؟

في مطلع العام، بدا أن المحافظين في كندا يسيرون نحو نصر سهل بعد إعلان جاستن ترودو استقالته من رئاسة الوزراء، حيث منحتهم استطلاعات الرأي تقدماً ساحقاً بفارق 25 نقطة عن الليبراليين.
لكن، ووفقًا لتقرير نشره موقع «politico»، يرى المخضرم في استطلاعات الرأي فرانك جرايفز، أن الأمور تتغير بصورة دراماتيكية منذ يناير، بفعل عامل خارجي مفاجئ: دونالد ترامب.
ضم كندا والانعكاس الانتخابي
مع تكرار حديث ترامب عن فرض رسوم جمركية جديدة، وتلميحه إلى إمكانية ضم كندا، بدأ الناخب الكندي يتراجع عن دعم المحافظين. وبحسب جرايفز، فإن شعورًا مفاجئًا بـ"الصدمة الوطنية" اجتاح الكنديين، وأدى إلى ارتفاع كبير في مؤشرات الهوية والانتماء الوطني، ما دفع كثيرين للعودة إلى دعم الليبراليين بقيادة مارك كارني، الذي يُتوقع الآن أن يحقق فوزًا مريحًا في الانتخابات المقررة في 28 أبريل.

انحسار موجة الشعبوية
اعتمد زعيم المحافظين بيير بويليفر على خطاب شعبوي استند إلى "كندا محطمة" و"إلغاء الضرائب"، ونجح في اجتذاب أصوات الغاضبين من ترودو، بمن فيهم مؤيدو "قافلة الحرية" ومشككو اللقاحات ومتعاطفو روسيا. لكن حين بدأ الكنديون يستشعرون تهديدًا حقيقيًا لسيادتهم من جنوب الحدود، بدت تلك الشعارات أقل جاذبية، لا سيما لأولئك الناخبين المعتدلين أو "الليبراليين المنسحبين" الذين وجدوا في كارني بديلاً موثوقًا.
كارني.. اقتصادي قادر على التفاوض
يتمتع مارك كارني بميزة نادرة لزعيم ليبرالي في كندا، فهو يُنظر إليه كخبير اقتصادي قادر على التفاوض بصلابة مع إدارة ترامب بشأن الرسوم الجمركية، ولديه مصداقية عالية في ملفات التضخم والإنتاجية والنمو. وفي حين أن هذه القضايا كانت تقليديًا نقاط قوة للمحافظين، فإنها لم تعد كذلك في ظل حالة الارتباك الحالية في قيادة الحزب.
المشاعر تحسم السباق
أحد أبرز المؤشرات التي يعتمدها جرايفز في قياس اتجاهات التصويت هو المزاج العاطفي للناخبين. يقول: "الغضب قد يحفّز، لكن الأمل يُنتج الفعل".
ويضيف أن التحول الأبرز هو صعود الأمل كمشاعر مهيمنة في كندا، رغم القلق من ترامب والعالم الجديد، ما يعكس رغبة جماعية في حماية السيادة الوطنية واستعادة التوازن.
مستقبل المحافظين على المحك
المعضلة التي يواجهها بويليفر اليوم، وفق جرايفز، أنه غير قادر على تغيير خطابه بسهولة؛ فقاعدته الأساسية لا ترى تهديدًا في تصريحات ترامب، بل تراه حليفًا. كما أن محاولاته مهاجمة كارني بوصفه "ترودو الجديد" لم تلقَ صدىً يُذكر. وحتى ملفات "الأخلاقيات" لم تُقنع الناخبين، مما يشير إلى أن المحافظين فشلوا في إيجاد رسالة بديلة فعّالة.