عاجل

صفية بنت حيي.. من ذرية الأنبياء إلى شرف أمهات المؤمنين

صفية بنت حيي
صفية بنت حيي

صفية بنت حيي بن أخطب، هي واحدة من أمهات المؤمنين، وتمثل نموذجًا فريدًا للمرأة التي ارتفعت مكانتها في الإسلام بفضل إيمانها وثباتها، رغم الظروف التي نشأت فيها. ولدت صفية في قبيلة بني النضير اليهودية، وكان والدها حيي بن أخطب أحد كبار زعماء اليهود في المدينة المنورة، وقد اشتهر بعلاقاته المتوترة مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وتعود جذورها إلى نسل نبي الله هارون عليه السلام، شقيق موسى عليه السلام، مما جعل نسبها شريفًا وعظيمًا في قومها.

اللحظة الفارقة في حياتها: من الأسر إلى التكريم

كانت لحظة أسر صفية بنت حيي في غزوة خيبر من اللحظات الفارقة في حياتها، فقد تم أسرها بعد أن وقعت مع نساء قومها في قبضة المسلمين. في تلك اللحظة، عرض عليها النبي صلى الله عليه وسلم خيارين: أن تبقى على دينها وتعود إلى أهلها، أو أن تعتنق الإسلام وتصبح من أمهات المؤمنين. اختارت صفية الإسلام طواعية، فكانت هذه اللحظة بداية لتغيير حياتها بشكل جذري، فاعتقها النبي وتزوجها تكريمًا لها. هذا الزواج لم يكن مجرد رابطة اجتماعية، بل كان شهادة على تحولها الروحي والاعتراف بمكانتها بين الصحابيات.

الزوجة الحكيمة والذكية في بيت النبوة

عُرفت صفية بالحكمة والذكاء، وكانت من أبرز نساء النبي صلى الله عليه وسلم اللاتي حرصن على خدمة الإسلام. على الرغم من أنها كانت من أصول يهودية، إلا أن إيمانها وتفانيها في خدمة النبي جعلها تحظى بمكانة خاصة بين أمهات المؤمنين. كانت صفية تتمتع برقة القلب وعقلها الراجح، ولها العديد من المواقف التي أظهرت فيها صدقها وحنكتها. فقد قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: “إنها صادقة”. ورغم بعض الغيرة التي كانت تُظهرها بعض زوجات النبي من أصلها اليهودي، إلا أنها كانت تتعامل مع المواقف بحلم وصبر، فتميزت بحسن سلوكها ومعاملتها للنبي صلى الله عليه وسلم، حتى قال عنها: “إن صفية منّي”.

صفية في ميادين الغزوات والعبادة

لم تقتصر مشاركة صفية على مجالس العلم أو المنزل، بل كانت أيضًا جزءًا من مسيرة الجهاد والعبادة. فقد شاركت في غزوة خيبر وكانت ذات دور كبير في خدمة النبي وأصحابه، حيث كانت تحرص على تقديم المساعدة لهم أثناء التنقلات والسفر. بالإضافة إلى ذلك، كانت صفية من النساء العابدات، فقد اشتهرت بكثرة صلاتها وصيامها، وكانت تلاوة القرآن جزءًا من حياتها اليومية. كما أنها نقلت عن النبي صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث النبوية التي أضافت إلى مكتبة الأحاديث التي نقلتها أمهات المؤمنين.

وفاتها ومكانتها في التاريخ الإسلامي

توفيت صفية بنت حيي في المدينة المنورة حوالي عام 50 هـ، في فترة حكم معاوية بن أبي سفيان. دُفنت في البقيع، في المكان الذي وُضع فيه معظم الصحابة. ورغم وفاتها المبكرة، فإن مكانتها بين أمهات المؤمنين ظلّت خالدة في التاريخ الإسلامي. كانت نموذجًا للمرأة المؤمنة التي اجتمعت فيها صفات الإيمان والتضحية والتفاني في خدمة الدين، وجعلها الله أمًا للمؤمنين، حيث مثلت رمزًا من رموز الإيمان الحقيقي والصدق
 

تم نسخ الرابط