هدنة أم تصعيد مؤجل؟.. آسيان والصين يناقشان مستقبل التجارة مع أمريكا (فيديو)

في خطوة تعكس حجم القلق الإقليمي من تداعيات السياسات الاقتصادية الأمريكية، شهدت العاصمة الماليزية كوالالمبور اجتماعات موسعة لوزراء مالية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، بمشاركة وفود من الصين، اليابان، وكوريا الجنوبية.
وجاء هذا اللقاء في وقت حساس بعد عودة ملف الرسوم الجمركية الأمريكية إلى واجهة المشهد التجاري العالمي، والتي أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طرحها ضمن خططه الاقتصادية المرتقبة.
التحليلات التي قُدمت خلال الاجتماعات، أبرزها ما عرضته الدكتورة منى شكر، عبر برنامج "العالم شرقا" على قناة القاهرة الإخبارية، أكدت أن هذه الرسوم باتت تمثل تحديًا استراتيجيًا أمام اقتصادات آسيا النامية، وتستوجب تحركًا جماعيًا مدروسًا.
رسوم جمركية تهز الاستقرار
وفق التقرير الذي عرضته الدكتورة منى، فإن الرسوم الجديدة التي اقترحها ترامب شملت 10 تعريفات جمركية متفاوتة النسب، استهدفت بدرجات متفاوتة دولًا عدة، أبرزها: "كمبوديا بنسبة 49%، فيتنام بنسبة 46%، ماليزيا بنسبة 24%".
وتزامنًا مع تصاعد التوترات، أعلن ترامب تعليق هذه الرسوم لمدة 90 يومًا فقط، في محاولة لامتصاص الغضب الدولي، في ما اعتبره مراقبون هدنة مؤقتة أكثر منها تراجعًا دائمًا، إذ شمل التعليق أكثر من 75 دولة.
الصين وآسيان
تناولت الدكتورة منى في عرضها طبيعة العلاقة الاقتصادية بين الصين ودول آسيان، مشيرة إلى أن الصين تُعد الشريك التجاري الأول للتكتل الآسيوي، والعكس صحيح.
وأوضحت أنه حتى منتصف عام 2023، أنشأت الصين أكثر من 6500 شركة استثمار مباشر داخل دول آسيان، يعمل بها قرابة 660 ألف عامل أجنبي، ما يعكس تشابك المصالح الاقتصادية بشكل غير مسبوق.
أما على مستوى التبادل التجاري، فقد بلغ حجمه في عام 2024 نحو 982 مليار دولار، بمعدل نمو سنوي بلغ 11%.
كما شهدت تجارة السلع الوسيطة بين الطرفين نموًا ملحوظًا بنسبة 67% خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ما يعكس تكاملًا صناعيًا وتجاريًا يجعل من الانفصال الاقتصادي أمرًا شبه مستحيل في المدى القريب.
التحدي القادم: بناء موقف موحد
في ظل هذه المعطيات، شددت الدكتورة منى شكر على أن التحدي الحقيقي أمام دول آسيان لا يكمن فقط في الرسوم الأمريكية، بل في القدرة على صياغة موقف موحد يوازن بين العلاقات مع بكين وواشنطن.
وأكدت أن أي إخلال بهذا التوازن قد يكلّف التكتل خسائر استراتيجية طويلة المدى، سواء على صعيد سلاسل التوريد أو تدفق الاستثمارات الأجنبية.

المشهد حذر وترقب
تختتم الدكتورة منى عرضها بالتأكيد على أن المنطقة تقف عند مفترق طرق اقتصادي حساس، يتطلب دبلوماسية ذكية وشراكات مرنة تستطيع التأقلم مع موجات التقلبات العالمية.
فالرسوم الجمركية الأمريكية وإن تم تعليقها مؤقتًا، تبقى سيفًا مرفوعًا قد يُستأنف استخدامه في أي لحظة، ما يجعل من التحرك الآسيوي الجماعي ضرورة ملحّة لا خيارًا إضافيًا.