أحتفالات أحد الشعانين في القدس وسوريا والعراق.. بين القمع والتحديات والأمل

في أجواء مليئة بالمشاعر المتناقضة بين الألم والأمل، احتفل المسيحيون في كل من القدس المحتلة وسوريا والعراق بـ"أحد الشعانين"، وهو اليوم الذي يسبق عيد الفصح، ويُحيي ذكرى دخول السيد المسيح إلى القدس، لكن الاحتفالات هذا العام جاءت في ظل ظروف استثنائية تختلف من بلد إلى آخر، بين قمع الاحتلال الإسرائيلي في القدس، والتحديات الأمنية في سوريا، والانتعاش النسبي في العراق بعد سنوات من العنف.
أحد الشعانين في القدس

من القدس المحتلة، أفادت المراسلة دانا أبو شمسية مراسلة “ قناة القاهرة الأخبارية ” أن الاحتلال يحرم آلاف المسيحيين من المشاركة في الاحتفالات و منع آلاف المسيحيين من الوصول إلى المدينة المقدسة للمشاركة في احتفالات "أحد الشعانين"، تماماً كما يحرم المسلمين من أداء صلواتهم في رمضان.
وأشارت إلى أن سلطات الاحتلال زعمت منح 6000 تصريح لمسيحيي الضفة الغربية، لكن المصادر الكنسية أكدت أن العدد الفعلي لم يتجاوز 3000 تصريح فقط.
وأضافت أبو شمسية أن الحواجز العسكرية التي فرضها الاحتلال بعد 7 أكتوبر الماضي حالت دون وصول الآلاف إلى القدس، رغم أن الاحتفالات بدأت منذ الصباح الباكر في كنيسة القيامة، حيث تتولى عائلة مسلمة فتح أبواب الكنيسة، كما هو التقليد منذ عهد عمر بن الخطاب.
لكن الاحتفالات هذا العام كانت صامتة إلى حد كبير، حيث رفع المشاركون سعف النخيل في مسيرة بدأت من بيت فاجي بجبل الزيتون وصولاً إلى باب الأسباط، في إشارة إلى “طريق الآلام”، وفي مفارقة صارخة، لاحظت المراسلة أن الاحتلال يسهل وصول المستوطنين اليهود إلى البلدة القديمة وحائط البراق، بينما يحرم المسيحيين من دخول القدس.
أحد الشعانين في سوريا

من دمشق،أفاد المراسل خليل مراسل " قناة القاهرة الأخبارية" أن احتفالات هذا العام في سوريا كانت متميزة مقارنة بالسنوات السابقة، حيث شهدت الكنائس في مختلف المناطق السورية، من العاصمة دمشق إلى حلب والساحل ومناطق الجزيرة، إقبالاً كبيراً.
وأشار إلى أن العديد من الشباب المسيحيين الذين هاجروا خلال الحرب عادوا للمشاركة في الاحتفالات، خاصة بعد التغييرات السياسية الأخيرة في سوريا.
لكن الأجواء الاحتفالية لم تخلُ من الإجراءات الأمنية المشددة، حيث انتشرت قوات الأمن حول الكنائس وقطعت الطرق المؤدية إليها، ورغم الاجراءات الامنية ، سادت روح الفرح والتمني بأن "تعم السلام سوريا الجديدة"، كما عبر المشاركون عن تضامنهم مع أهالي غزة، حيث غلبت الصلوات الصامتة حداداً على أرواح الشهداء.
أحد الشعانين في العراق

أما في العراق، فأفادت المراسلة هبة التميمي من بغداد مراسلة “ قناة القاهرة الأخبارية ” بأن مسيحيي البلاد حافظوا على تقاليدهم رغم التحديات الأمنية التي واجهوها خلال سنوات الحرب ضد تنظيم داعش. وشهدت محافظة نينوى، وخصوصاً قضاء الحمدانية، مسيرات كشفية وحشوداً كبيرة من المؤمنين، بمشاركة مهجرين عادوا من دول مثل كندا وأستراليا.
وأشارت التميمي إلى أن الأجواء هذا العام كانت "استثنائية"، حيث شارك المسلمون في التهنئة بالعيد، في مشهد يعكس التعايش التاريخي بين المكونات العراقية. ورغم أن احتفالات 2017 كانت شبه معدومة بسبب سيطرة داعش، إلا أن عودة الاستقرار النسبي أعادت الأمل للمسيحيين بالحفاظ على وجودهم في وطنهم.
تظهر احتفالات "أحد الشعانين" هذا العام الفروق الكبيرة بين واقع المسيحيين في القدس المحتلة، حيث يقمع الاحتلال حريتهم الدينية، وبين سوريا والعراق، حيث يعبرون عن تمسكهم بأرضهم رغم التحديات. لكن المشترك بين الجميع هو الإصرار على الاحتفال بالهوية والانتماء، ورفع رسالة أمل بأن السلام سيعم يوماً ما في المنطقة.