عاجل

وسط بهجة أهالي الإسكندرية.. باعة السعف يتفننون في صناعته احتفالا بأحد الشعانين

أحد السعف
أحد السعف

جريد نخل وورود وصلبان، اللون الأخضر يلون ميدان جيهان ويحول الميدان الحجري إلى حديقة مثمرة، إنهم باعة السعف في الإسكندرية زينوا  شوارعها بأغصان النخيل المضفورة والقلوب الورقية والتصاميم المبهجة التي تحمل رمزية دينية عميقة في قلوب الأقباط، احتفالا بذكرى دخول المسيح إلى أورشليم. 
وعلى الأرصفة القريبة من كنيسة القديسين، تحول ميدان جيهان بشارع جمال عبد الناصر في الإسكندرية إلى ساحة عمل كبرى، حيث يصطف باعة الزعف الذين أبدعوا في تشكيل سعف النخيل بأشكال فنية تعكس روح المناسبة وتاريخها، ويمتزج فيها الفن بالتراث، والمهارة بالإيمان.

يقول جرجس  فرج، أحد بائعي الزعف بمنطقة سيدي بشر، إن صناعة الزعف لا تتوقف فقط عند بيع سعف النخيل، بل هي حرفة موسمية تحمل في طياتها تاريخ من الجمال والتقاليد. 
ويضيف: “نتفنن في تضفير الزعف بأشكال متعددة لجذب المصلين، من بينها الصليب والتاج والقلوب، كما نقوم بتزيينه بالورود وسنابل القمح لتصبح أكثر بهجة”.

ويتابع جرجس: “الإقبال على شراء الزعف يبدأ من ليلة السبت وحتى صباح الأحد، حيث يستعد الجميع لحضور قداس أحد الشعانين وهم يحملون أشكال الزعف بأيديهم، وهو مشهد مبهج ننتظره كل عام”. 
ويؤكد أنه تعلم فنون التضفير من والده منذ الصغر، ويبدأ التحضير له قبل أسبوع على الأقل من المناسبة، حيث يشتري الزعف الطازج ويضعه في البرسيم حتى لا يجف، ثم يبدأ في تشكيله بالأشكال التي يعشقها الأقباط.

أما ميشيل عماد، شاب يبلغ من العمر 23 عاما، فيحكي أنه ورث هواية تضفير الزعف من عائلته، التي اشتهرت بهذه الحرفة منذ أجيال ويقول: “بدأت أتعلم التضفير في سن 12 عاما، وفي كل عام كنت أتعلم شكلا جديدا من أشكال الزعف، حتى أصبحت أصمم التاج بأحجام مختلفة، والصليب، وأشكال مبتكرة مثل الجمل والسنبلة، وبعضها يحمل القربان في داخله”.

ويضيف ميشيل أن العمل في الزعف لا يقتصر على البيع فقط، بل هو طقس عائلي تشارك فيه الأسرة بالكامل، حيث يجتمع مع أشقائه في المنزل قبل المناسبة بأيام ليبدؤوا في التضفير معا، ويحرصون على تقديم أشكال مميزة تحمل لمسة فنية وإبداعية مختلفة كل عام.

من جانبها قالت أم هاني، إحدى أشهر بائعات الزعف بالإسكندرية، إنها تعمل في هذه الحرفة منذ أكثر من 30 سنة، بمساعدة زوجها وأولادها. 
وتقول: “أنا لا أبيع الزعف من أجل الربح فقط، بل بدافع الحب للمناسبة فأحد الشعانين مناسبة دينية عظيمة بالنسبة لنا، نعيشها بكل مشاعرنا وإيماننا”.

وتؤكد أن الاستعداد لصناعة الزعف يبدأ مبكرا، تحديدا من أحد التناصير، أي الأحد الذي يسبق أحد الشعانين، لافتة إلى أن الأسعار ارتفعت قليلا هذا العام، لكن الإقبال لا يزال كما هو، لأن “هذه عادة لا يمكن أن نتخلى عنها مهما كانت الظروف.
وفي مشهد يعكس روح المحبة والوحدة الوطنية التي تميز بها المصريون، يحرص كثير من المسلمين على مشاركة الأقباط فرحتهم بعيد الزعف، من خلال شراء أشكال الزعف من الباعة المنتشرين حول الكنائس، تعبيرا عن التآخي والمودة التي تجمع أبناء الوطن الواحد، فعيد الشعانين أحد أبرز المناسبات التي تجسد هذا التلاحم، إذ تختفي الفوارق الدينية أمام مشاهد الود والفرح التي تزين الشوارع، في تأكيد دائم أن المناسبات الدينية في مصر لا تخص طائفة بعينها، بل يحتفل بها الجميع بمحبة صادقة وقلوب متآلفة.

تم نسخ الرابط