محادثات واشنطن وطهران.. "مصافحة باردة" قد تمهّد لدفء محتمل

رسم تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، صورة متشائمة إلى حد ما لنتائج المحادثات المرتقبة بين الولايات المتحدة وإيران، واصفًا إياها بأنها لا تتجاوز في أفضل الأحوال "مصافحة سريعة" لا تعكس اختراقًا حقيقيًا، بل تعكس حجم الهوة وانعدام الثقة العميق بين الطرفين.
ويزور الموفد الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، سلطنة عُمان، لإجراء محادثات "حاسمة" بشأن البرنامج النووي لطهران، تنطلق اليوم السبت.
ورغم التوقعات المتواضعة، اعتبر التقرير أن مجرد انعقاد اللقاء، ولو بشكل غير رسمي، يحمل دلالة سياسية لا يُستهان بها، وقد يشكّل نقطة انطلاق نحو أول مفاوضات مباشرة منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018.
قدرات الرئيس التفاوضية
ورأى مراقبون أن هذه الجلسة قد تكون بمثابة اختبار أولي للنيات، أو "جس نبض" لمعرفة ما إذا كانت هناك أرضية مشتركة يمكن البناء عليها لإحياء المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وفي حين أعربت إدارة ترامب، التي تسعى الآن لتوقيع اتفاق جديد يبرز "قدرات الرئيس التفاوضية" ويقلّص منسوب التوتر الإقليمي المتصاعد بين طهران وتل أبيب، عن رغبتها في إحياء الحوار، إلا أن إرث السنوات السابقة لا يزال يثقل الطاولة.
فانسحاب واشنطن من اتفاق 2015، وفرض عقوبات مشددة على إيران، تسببا في ترسيخ شعور قوي بانعدام الثقة لدى الجانب الإيراني، الذي لا يزال يُحمّل الولايات المتحدة مسؤولية تعثر الاتفاق الأصلي.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولَين إيرانيين بارزين، أن الوفد الإيراني سيُبدي مرونة محدودة، من خلال استعداده لمناقشة تقليص تخصيب اليورانيوم والسماح بعودة المراقبة الدولية، لكنه غير مستعد للحديث عن تفكيك البرنامج النووي، وهو مطلب لا تزال إدارة ترامب متمسكة به.

تصاعد المخاوف الإسرائيلية
وبحسب التقرير، قد يكون لقاء قصير أو حتى تبادل مجاملات دبلوماسية هو أقصى ما يمكن تحقيقه في هذه المرحلة، لكنه قد يُستخدم كورقة لإظهار حسن النية أمام المجتمع الدولي، دون التزام واضح بأي مسار تفاوضي.
وذكرت الصحيفة بخطة العمل الشاملة المشتركة، التي وُقعت في عهد الرئيس باراك أوباما، واعتُبرت إنجازًا دبلوماسيًا بعد سنوات من المفاوضات، والتي نصت على رفع العقوبات مقابل قيود صارمة على البرنامج النووي الإيراني، لكنها بدأت بالتآكل منذ انسحاب ترامب منها.
وفي ظل تصاعد المخاوف الإسرائيلية من نوايا طهران النووية، وتحذيرات الخبراء من احتمالية انتقال المعرفة النووية إلى أطراف غير حكومية، تزداد أهمية أي مبادرة دبلوماسية لاحتواء التصعيد.
ورغم تأكيد إيران على أن برنامجها النووي مخصص لأغراض سلمية، فإن تجاوزها لمستويات التخصيب اللازمة للأغراض المدنية، يزيد من شكوك الغرب، وخاصة إسرائيل التي ترى في ذلك تهديدًا وجوديًا، وتُلوّح بتحرك أحادي إن لزم الأمر.
وتخلص الصحيفة إلى أن الرئيس ترامب رغم نزعته الصدامية السابقة يبدو الآن أكثر ميلاً لاتباع نهج تفاوضي "أقل كلفة" من الخيار العسكري، وهو ذات المسار الذي ترددت فيه إدارات أمريكية سابقة، على أمل منع إيران من الانضمام إلى نادي الدول النووية.