عاجل

حرب ترامب التجارية تربك الأسواق العالمية.. 90 يومًا لإبرام 150 صفقة تجارية

ترامب
ترامب

ذكر تقرير عبر شبكة "CNN" ، أنه رغم تأكيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وفريقه الاقتصادي أن خطتهم التجارية كانت واضحة منذ البداية، وهي التلويح برسوم جمركية “فلكية” لترهيب العالم ودفعه إلى طاولة المفاوضات،  فإن الواقع في الأسواق العالمية يُظهر صورة مغايرة تمامًا، حيث تتزايد المخاوف من تداعيات هذه الاستراتيجية، في وقت قصير لا يتجاوز 90 يومًا، وهو الإطار الزمني الذي حدده ترامب لتوقيع اتفاقيات معقدة مع عشرات الدول حول العالم، باستثناء الصين التي بقيت خارج دائرة "التراجع الأمريكي" عن الرسوم الأشد قسوة.

الأسواق تهتز على وقع التناقضات

وجاء في التقرير الأمريكي، أن إعلان ترامب عن تعليق مؤقت لبعض الرسوم الجمركية "غير المتبادلة"، كما وصفها، أحدث هزة جديدة في الأسواق المالية التي أبدت تشككًا واسعًا في قدرة الإدارة الأمريكية على إنجاح هذه السياسة خلال الإطار الزمني المحدود، وسرعان ما انعكس ذلك على مؤشرات الأسهم، التي واصلت تراجعها الحاد مع ارتفاع وتيرة التقلبات.

وسجّل مؤشر "داو جونز" الصناعي تراجعًا بـ260 نقطة (بنسبة 0.65%)، فيما انخفض مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بـ0.5%، ومؤشر "ناسداك" بـ0.3%. 

وكانت هذه التحركات رد فعل مباشر على توضيح الإدارة الأمريكية تفاصيل الرسوم الجمركية المفروضة على الصين والتي بلغت 145%، في حين كان السوق يعتقد أنها 125%.

واللافت أن مؤشر "داو جونز"، الممتد على مدى 129 عامًا، أغلق صعودًا أو هبوطًا بأكثر من 1000 نقطة في 31 مناسبة فقط، أربع منها حدثت خلال أسبوع واحد فقط، ما يعكس حجم الاضطراب الذي تسببت فيه سياسة ترامب التجارية.

إن قرار الرئيس دونالد ترامب بإيقاف الرسوم الجمركية "المتبادلة" لمدة 90 يوما يمنح إدارته ثلاثة أشهر فقط لإبرام صفقات تجارية معقدة للغاية مع عشرات الدول.

سوق السندات يكسر القواعد التقليدية

وبينما يُفترض أن ترتفع أسعار السندات في أوقات التوتر باعتبارها ملاذًا آمنًا، فإن سوق السندات الأمريكية يسير في اتجاه غير معتاد. فقد انخفضت الأسعار، وارتفعت العوائد إلى 4.4% بعدما كانت أقل من 4% بداية الأسبوع.

ويعزو المحللون هذا الانحراف إلى فقدان الثقة بسياسة ترامب التجارية، وسط مخاوف من أن تتحمل الولايات المتحدة الضرر الأكبر. وأوضح جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك “جي بي مورغان تشيس”، في رسالته السنوية، أن استراتيجية “أمريكا أولًا” قد تُفقد الولايات المتحدة شركاءها الرئيسيين وتُقوّض مكانتها العالمية.

 

أسعار النفط تهوي وسط مخاوف من الركود

في موازاة ذلك، تعيش أسواق النفط حالة من الهبوط المستمر، إذ انخفض سعر الخام الأمريكي إلى نحو 60 دولارًا للبرميل، وهو قريب من أدنى مستوياته خلال أربع سنوات. 

كما تراجع خام برنت إلى حدود 63 دولارًا، في ظل قلق المستثمرين من أن تؤدي الحرب التجارية إلى انخفاض الطلب على السفر والشحن والنقل، وبالتالي انخفاض الاستهلاك العالمي للطاقة.

ويحذّر مراقبون من أن هذا التراجع قد يُعيد سيناريوهات الركود السابقة، كما حدث عام 2008، أو خلال أزمة الجائحة عندما تراجعت الأسعار إلى ما دون الصفر.

الدولار يحافظ على قوته

الدولار يفقد قوته.. والمؤشرات حمراء

بعكس ما هو متوقع من ارتفاع في قيمة العملة عند فرض رسوم جمركية، فقد الدولار الأمريكي قوته وتراجع إلى أدنى مستوياته منذ ثلاث سنوات أمام سلة من العملات، وهبط بنسبة 1.1% يوم الجمعة بعد انخفاضه بنسبة 2% في اليوم السابق.

وقال جو بروسويلاس، كبير الاقتصاديين في شركة RSM: “المستثمرون والبنوك المركزية يتخلصون من الدولار وسندات الخزانة بسبب اهتزاز الثقة والمصداقية في الأصول الأمريكية… الفوضى المالية لها ثمن باهظ”.

 

تفاؤل رسمي في مواجهة الواقع المُعقد

ورغم كل هذه الإشارات السلبية، تُصر إدارة ترامب على إظهار التفاؤل، مشيرة إلى أن أكثر من 70 دولة طلبت التفاوض لتفادي الرسوم العقابية. 

ورغم عدم كشفها عن تفاصيل كثيرة، إلا أنها ألمحت إلى أن كوريا الجنوبية واليابان من بين أولوياتها.

لكن تعقيد الصفقات التجارية والتي تستغرق عادةً سنوات من التفاوض  يجعل من الصعب تصور إنجازها خلال أشهر قليلة. ومع بقاء الصين، أكبر مصدّر في العالم، خارج نطاق الاتفاق، يبدو أن التحدي الأكبر ما زال قائمًا.

فالصين رفعت رسومها إلى 125% ردًا على التعريفات الأمريكية البالغة 145%، وأكد الطرفان أنهما لن يتراجعا. ومع تمسك بكين بمبدأ “الاحترام المتبادل” في أي مفاوضات، فإن التصعيد يهدد بتقويض الاقتصاد العالمي.

وول ستريت» ترتفع قليلاً وسط تقلبات بعد بيانات اقتصادية

ضرر اقتصادي وقع بالفعل

يشير خبراء وول ستريت إلى أن حجم الضرر الذي ألحقته هذه السياسات بالاقتصاد الأمريكي لا يمكن تجاوزه بسهولة، حتى وإن أُبرمت اتفاقيات جديدة، فلا تزال الرسوم العقابية سارية، بما في ذلك 25% على السيارات وبعض السلع من المكسيك وكندا، و25% على الصلب والألومنيوم.

ولهذا حذّر بنكا “جي بي مورغان” و”جولدمان ساكس” من أن احتمالات دخول الولايات المتحدة والعالم في حالة ركود خلال العام الجاري، أصبحت واقعية أكثر من أي وقت مضى، حتى وإن كانت لا تزال احتمالات “ضئيلة” في أرقامها الرسمية.

قد يكون لدى إدارة ترامب نية لتصحيح المسار التجاري، لكن الأسواق العالمية تُبدي شكوكًا عميقة في نجاعة هذا النهج. فبين تصعيد التعريفات، وارتباك الرسائل الرسمية، وواقع اقتصادي غير مستقر، تبقى السياسة التجارية الأمريكية في مهب رياح التوتر والتقلب، بانتظار ما إذا كان ترامب سيحول “الضغط” إلى صفقات فعلية.. أم إلى أزمات أعمق.

تم نسخ الرابط