عاجل

البطالة في فرنسا... نتاج أزمة سياسية أم بداية لتدهور اقتصادي طويل الأمد؟

ارتفاع معدلات البطالة
ارتفاع معدلات البطالة في فرنسا

أدت القرارات السياسية التي اتخذها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى حالة من عدم الاستقرار السياسي التي أثرت بشكل سلبي على ارتفاع معدلات البطالة وتدهور أوضاع سوق العمل في البلاد خلال الأشهر الستة الماضية، ومع ذلك، كانت المؤشرات على زيادة معدلات البطالة في فرنسا واضحة حتى قبل قرار حل الجمعية الوطنية في يونيو 2024.

تزايد معدلات البطالة في فرنسا

ارتفع عدد العاطلين عن العمل في فرنسا، خلال الربع الأخير من عام 2024، بنسبة 3.9% مما يمثل أكبر زيادة منذ عام 2015، كما ارتفعت البطالة بنسبة 3.5% مقارنة بالعام الماضي، وهذه الزيادة تأتي في وقت كان فيه البعض يطمح إلى تحقيق "التوظيف الكامل"، وهو ما لم تحققه فرنسا منذ عام 1979.

وتعد الشباب هي الفئة الأكثر تضررًا من هذه الأزمة، حيث يظهر تأثير التباطؤ الاقتصادي بشكل واضح عليهم. وفقا لما أفادت به شبكة البث التلفزيوني الإخبارية الفرنسية

آراء الخبراء في سوق العمل الفرنسي

يشير العديد من الخبراء إلى أن هذه الزيادة في البطالة ليست مجرد نتيجة لحل الجمعية الوطنية في يونيو 2024، بل تعود إلى عوامل اقتصادية وسياسية مركبة، إذ أن تزايد الإقالات والعدد الكبير من الطلبات للوظائف يعكس ضعف الثقة في الاقتصاد، خاصة في قطاع الشركات الصغيرة، كما أن التوقعات بشأن المستقبل الاقتصادي لفرنسا تزداد قتامة.

الاستقرار السياسي وتأثيره على الاقتصاد

يعزو العديد من المراقبين هذه الوضعية إلى حالة عدم الاستقرار السياسي التي مرت بها البلاد عقب قرار ماكرون بحل الجمعية الوطنية في يونيو 2024.، مما أسهم بشكل كبير في تأجيج عدم اليقين السياسي، وهو ما انعكس على الثقة في الشركات وأدى إلى تراجع في الاستثمار والتوظيف.

كما بدأت الشركات ما يمكن تسميته بـ "إضراب استثماري"، حيث توقفت عن التوظيف وقللت من استثماراتها بسبب غياب التوقعات الواضحة من الحكومة بشأن تخفيض الأعباء الضريبية والاجتماعية، مما يزيد من عمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

أسباب الأخرى لتفاقم الأزمة

على الرغم من أن عدم الاستقرار السياسي قد ساهم في تفاقم الوضع، إلا أن هناك عوامل أخرى كانت قد أثرت سلبًا على سوق العمل في فرنسا، في عام 2023، عانت البلاد من أزمة التضخم وارتفاع تكاليف الطاقة، وهو ما أدى إلى تقليص قدرة الشركات على النمو والتوظيف، كان هذا التدهور في سوق العمل قد بدأ قبل قرار حل الجمعية الوطنية، وهو ما يشير إلى أن الأوضاع الاقتصادية كانت بالفعل تسير في الاتجاه غير الصحيح.

توقعات سوق العمل في فرنسا

على الرغم من زيادة معدلات البطالة في الربع الأخير من عام 2024، فقد كانت هذه الزيادة متوقعة من قبل العديد من الخبراء منذ عدة أشهر. 

ففي نهاية عام 2022، توقع "بنك فرنسا" ارتفاع معدلات البطالة، مع التوقعات بوصولها إلى 7.7% بنهاية 2023 و8.2% بنهاية 2025. كما أشار المعهد الوطني للإحصاء إلى وجود مؤشرات مبكرة على تدهور مناخ العمل في الشركات منذ بداية عام 2024، مما يعكس ضعف التوقعات بشأن تحسن الوضع الاقتصادي.

 يتضح أن تزايد معدلات البطالة في فرنسا هو نتاج لتراكم عدة عوامل اقتصادية وسياسية معقدة، في حين أن عدم الاستقرار السياسي قد ساهم في تفاقم الوضع، إلا أن الأزمات الاقتصادية السابقة كانت قد بدأت بالفعل في التأثير على سوق العمل الفرنسي بشكل ملحوظ قبل القرار السياسي الأخير بحل الجمعية الوطنية.

تم نسخ الرابط